للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوجوه مقبولة فسمعها عمرو قبلها، وَرَدَّهُ إِلَى عَمَلِهِ وَعَذَرَ ضَبَّةَ فِيمَا تَأَوَّلَهُ وَمَاتَ عُمَرُ، وَأَبُو مُوسَى عَلَى صَلَاةِ الْبَصْرَةِ.

خَبَرُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ وَالْأَكْرَادِ

بَعَثَهُ عمر عَلَى سَرِيَّةٍ وَوَصَّاهُ بِوَصَايَا كَثِيرَةٍ بِمَضْمُونِ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ " اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ " الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ، فَسَارُوا فَلَقَوْا جَمْعًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَدَعَوْهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِلَالٍ (١) ، فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوا وَاحِدَةً مِنْهَا، فَقَاتَلُوهُمْ فَقَتَلُوا مُقَاتَلَتَهُمْ، وَسَبَوْا ذَرَارِيَّهُمْ، وَغَنِمُوا أَمْوَالَهُمْ.

ثُمَّ بَعَثَ سَلَمَةُ بْنُ قَيْسٍ رَسُولًا إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ وَبِالْغَنَائِمِ، فَذَكَرُوا وُرُودَهُ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ يُطْعِمُ النَّاسَ، وَذَهَابَهُ مَعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قِصَّةِ أُمِّ كلثوم بنت علي، وطلبها الكسوة كما يكسي طَلْحَةُ وَغَيْرُهُ أَزْوَاجَهُمْ، فَقَالَ: أَلَا يَكْفِيَكِ أَنْ يُقَالَ بِنْتُ عَلِيٍّ وَامْرَأَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ ثُمَّ ذَكَرَ طَعَامَهُ الْخَشِنَ وَشَرَابَهُ مِنْ سُلْتٍ، ثُمَّ شَرَعَ يَسْتَعْلِمُهُ عَنْ أَخْبَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَيْفَ طَعَامُهُمْ وَأَشْعَارُهُمْ، وَهَلْ يَأْكُلُونَ اللَّحْمَ الَّذِي هُوَ شَجَرَتُهُمْ، وَلَا بَقَاءَ لِلْعَرَبِ دُونَ شَجَرَتِهِمْ؟ وَذَكَرَ عَرْضَهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ السَّفَطَ مِنَ الْجَوْهَرِ، فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ وَأَقْسَمَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَرُدَّهُ فَيُقَسَّمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.

وَقَدْ أَوْرَدَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مُطَوَّلًا جِدًّا.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ حَجَّ عُمَرُ بِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

قَالَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ وفاته.

ثم ذكر صفة قتله مُطَوَّلًا أَيْضًا، وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي آخِرِ سِيرَةِ عُمَرَ، فَلْيُكْتَبْ مِنْ هُنَاكَ إِلَى هُنَا.

وَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ الْقُرَشِيُّ، أَبُو حَفْصٍ الْعَدَوِيُّ، الْمُلَقَّبُ بِالْفَارُوقِ قِيلَ لقبه بذلك أهل الكتاب.

وَأُمُّهُ حَنْتَمَةُ بِنْتُ هِشَامٍ (٢) أُخْتُ أَبِي جَهْلِ بن هشام.

أسلم عمر وعمره سبع وعشرين سَنَةً (٣) ، وَشَهِدَ بَدْرًا وأُحداً وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجَ فِي عِدَّةِ سَرَايَا، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى بَعْضِهَا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ دُعِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَوَّلُ مَنْ كَتَبَ التَّارِيخَ، وَجَمَعَ النَّاسَ

عَلَى التَّرَاوِيحِ، وَأَوَّلُ مَنْ عَسَّ بِالْمَدِينَةِ، وَحَمَلَ الدِّرَّةَ وَأَدَّبَ بِهَا، وجلد في الخمر ثمانين، وفتح


(١) كما في الطبري: دعوتهم إلى الإسلام فإن أبوا فادعوهم إلى الخراج فإن أبوا فقاتلوهم.
(٥ / ١٠) .
(٢) قال ابن عبد البر وابن حجر وابن سعد: حنتمة بن هاشم بن المغيرة المخزومية: وقال في الاستيعاب: ومن قال بنت هشام فقد أخطأ وليست هي أخت أبي جهل إنما هي ابنة عمهما، فهاشم وهشام ابنا المغيرة اخوان (الاصابة ٢ / ٥١٨ والهامش ٢ / ٤٥٨ طبقات ابن سعد: ٣ / ٢٦٥) .
(٣) في طبقات ابن سعد ٣ / ٢٧٠: ست وعشرين سنة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>