للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه وشكوا ما هم فيه من السبي، فاشتراهم مصقلة من معقل بخمسمائة ألف درهم وَأَعْتَقَهُمْ، فَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى ابْنِ عبَّاس بالبصرة، فكتب معقل إلى ابن عبَّاس فَقَالَ لَهُ مَصْقَلَةُ: إِنِّي إِنَّمَا جِئْتُ لِأَدْفَعَ ثمنهم إليك ثم هرب منه إلى علي فكتب ابن عباس ومعقل إلى علي فطالبه علي فدفع من الثمن مائتي ألف (١) ثم انشمر هارباً فَلَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بِالشَّامِ، فَأَمْضَى عَلِيٌّ عِتْقَهُمْ وَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ فِي ذِمَّةِ مَصْقَلَةَ؟ وَأَمَرَ بِدَارِهِ فِي الْكُوفَةِ فَهُدِمَتْ.

وَقَدْ رَوَى الْهَيْثَمُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَإِسْرَائِيلَ عَنْ عمَّار الدَّهني عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ أنَّ بَنِي نَاجِيَةَ ارْتَدُّوا فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ: مَعْقِلَ بْنَ قَيْسٍ فَسَبَاهُمْ فَاشْتَرَاهُمْ مَصْقَلَةُ مِنْ عَلِيٍّ بثلثمائة أَلْفٍ فَأَعْتَقَهُمْ ثُمَّ هَرَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ.

قَالَ الْهَيْثَمُ وَهَذَا قَوْلُ الشِّيعَةِ وَلَمْ يُسْمَعْ بِحَيٍّ من العرب ارتدوا بَعْدَ الرِّدة الَّتِي كَانَتْ فِي أَيَّامِ الصِّدِّيقِ.

وقال الهيثم: حدثني عبد اللَّهِ (٢) بْنُ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ الطَّائِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ قَالَ مَرَّةً لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ يَخْطُبُ: قَتَلْتَ أهل النهروان على إنكار الحكومة، وقتلت الحريث (٣) بن راشد على مسألتهم إياك أيضاً الْحُكُومَةَ، وَاللَّهِ مَا بَيْنَهُمَا مَوْضِعُ قَدَمٍ.

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اسْكُتْ إِنَّمَا كُنْتَ أَعْرَابِيًّا تَأْكُلُ الضبع بجبل طئ بِالْأَمْسِ.

فَقَالَ لَهُ عَدِيٌّ: وَأَنْتَ وَاللَّهِ قَدْ رَأَيْنَاكَ بِالْأَمْسِ تَأْكُلُ الْبَلَحَ بِالْمَدِينَةِ.

قَالَ الْهَيْثَمُ: ثم خرج على علي رجل مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَقُتِلَ فَأَمَّرَ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِمُ الْأَشْرَسَ بْنَ عَوْفٍ الشَيْبَانِيَّ، فَقُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، قال: ثم خرج على علي الأشهب بن بشر البجلي ثم أحد عُرَيْنَةَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ.

قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ عَلَى عَلِيٍّ سعيدَ بْنُ نغد التميمي ثم من بني ثعلبة من أهل الكوفة فقتل بقنطرة درربجان فَوْقَ الْمَدَائِنِ.

قَالَ الْهَيْثَمُ: أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ عَبْدُ الله بن عياش عن مشيخته.

فصل ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ يَحْيَى - وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ - أن قتال علي للخوارج يَوْمَ النَّهْرَوَانِ، كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ - قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ السِّيَرِ عَلَى أنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، قُلْتُ: وهو الأشبه كما في

سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السنة - يعني سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ - عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ نائب علي على اليمن ومخاليفها.

وَكَانَ نَائِبَ مَكَّةَ قُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعَلَى الْمَدِينَةِ تَمَّامُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَقِيلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَعَلَى الْبَصْرَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وعلى قضائها أبو الأسود الدؤلي، وعلى مصر محمد بن أبي بكر، وعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين


(١) في فتوح ابن الاعثم ٤ / ٨٠: مائة ألف.
وفي الطبري والكامل: فكالاصل مائتي ألف.
(٢) في هامش النسخة المطبوعة قال: كذا في الاصل وفي نسخة عبيد بن تميم.
(٣) تقدم اسمه: الخريت.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>