للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَبَدًا وَهُوَ كَذِبٌ وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ حَبَّةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " أَنَا أوَّل مَنْ أَسْلَمَ " وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَحَبَّةُ ضَعِيفٌ وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ بن سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: " أَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ آمَنْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنَ أَبُو بَكْرٍ، وَأَسْلَمْتُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ " وَهَذَا لَا يَصِحُّ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ قَالَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ: " أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ، ولو شئت أن أسمي الثالث لسميت ".

وقد تقدم ذلك في فضائل الشيخين رضي الله عنهما وأرضاهما.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " أَوَّلُ مَنْ صَلَّى - وفي رواية أسلم - مع رسول الله بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بَلْجٍ بِهِ وَقَدْ رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ صَلَّى قَبْلَ النَّاسِ بِسَبْعِ سِنِينَ وَهَذَا لَا يَصِحُّ مِنْ أَيِّ وجه كان روي عنه.

وقد ورد فِي أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ هَذِهِ الأمة أحاديث كثيرة لا يصح منها شئ، وأجود ما في ذلك ما ذكرنا.

عَلَى أَنَّهُ قَدْ خُولِفَ فِيهِ وَقَدِ اعْتَنَى الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ بِتَطْرِيقِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، فَمَنْ أَرَادَ كَشَفَ ذلك فعليه بكتابه التاريخ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زيد، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: " أوَّل مَنْ أَسْلَمَ عَلِيٌّ " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَصَحِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم مدة مقامه بمكة، وكان عنده في المنزل وفي كفالته في حياة أبيه لفقرٍ حصل لأبيه في بعض السنين مع كثرة العيال، ثم استمر في نَفَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بَعْدَ ذلك إلى زمن الهجرة وقد خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤدي ما كان عنده عليه السلام مِنْ وَدَائِعِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُعْرَفُ فِي قومه بالأمين، فكانوا يودعونه الأموال والاشياء النفسية ثُمَّ هَاجَرَ عَلِيٌّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَهُوَ راضٍ

عَنْهُ وَحَضَرَ مَعَهُ مَشَاهِدَهُ كُلَّهَا وَجَرَتْ لَهُ مَوَاقِفُ شَرِيفَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي مُوَاطِنِ الْحَرْبِ كَمَا بيَّنا ذَلِكَ فِي السِّيرة بِمَا أغنى عن إعادته ها هنا، كَيَوْمِ بَدْرٍ وأُحد وَالْأَحْزَابِ وَخَيْبَرَ وَغَيْرِهَا، وَلَمَّا اسْتَخْلَفَهُ عَامَ تَبُوكَ عَلَى أَهْلِهِ بِالْمَدِينَةِ قَالَ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي " وَقَدْ ذَكَرْنَا تَزْوِيجَهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ وَدُخُولَهُ بِهَا بَعْدَ وَقْعَةِ بِدْرٍ بِمَا أَغْنَى عن إعادته.

ولما رجع عليه السلام مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَكَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ غَدِيرُ خُمٍّ خَطَبَ النَّاسَ هنالك في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة فِي خُطْبَتِهِ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ " وَفِي بَعْضِ الرِّوايات: " اللَّهُمَّ والِ مَنْ وَالَاهُ وعادِ مَنْ عَادَاهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ " وَالْمَحْفُوظُ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا كَانَ سَبَبَ هذه الخطبة والتنبيه على قضله مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ أَمِيرًا هُوَ وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَرَجَعَ عَلِيٌّ فَوَافَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَدْ كَثُرَتْ فِيهِ الْمَقَالَةُ وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ بِسَبَبِ اسْتِرْجَاعِهِ مِنْهُمْ خُلَعًا كَانَ خَلَعَهَا نَائِبُهُ عَلَيْهِمْ لَمَّا تَعَجَّلَ السَّيْرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما تفرغ رسول الله مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَحَبَّ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>