للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دار بدمشق وأقام بالبصرة، وقيل بمرو، قال مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَقِيلَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ زِيَادٌ، وَتَرَكَ عِدَّةً مِنَ الذُّكُورِ، وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَبْدَ كُلَالٍ، وَقِيلَ عَبْدُ كَلُوبٍ (١) ، وَقِيلَ عَبْدُ الْكَعْبَةِ، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ الرحمن.

وهو كان أَحَدَ السَّفِيرَيْنِ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَالْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، وَفِيهَا تُوُفِّيَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطَّائِفِيُّ، لَهُ وَلِأَخِيهِ الْحَكَمِ صُحْبَةٌ، قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ فَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ الله عَلَى الطَّائِفِ، وَأَمَّرَهُ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَكَانَ أَمِيرَهُمْ وَإِمَامَهُمْ مُدَّةً طَوِيلَةً حَتَّى مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَقِيلَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَأَمَّا عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخُو عَلِيٍّ فَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ جَعْفَرٍ بِعَشْرِ سِنِينَ وَجَعْفَرٌ أَكْبَرُ مِنْ عَلِيٍّ بِعَشْرِ سِنِينَ كما أن طالب أكبر من عقيل بعشر، وَكُلُّهُمْ أَسْلَمَ إِلَّا طَالِبًا، أَسْلَمَ عَقِيلٌ قَبْلَ (٢) الْحُدَيْبِيَةِ وَشَهِدَ مُؤْتَةَ، وَكَانَ مِنْ أَنْسَبِ قُرَيْشٍ، وكان قد ورث أقرباءه الذين هاجروا وتركوا أموالهم بمكة، ومات في خلافة معاوية.

وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ بْنِ الْكَاهِنِ الْخُزَاعِيِّ، أَسْلَمَ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَهَاجَرَ، وَقِيلَ: أنه إنما أسلم عام حجة الوداع، وورد في حديث أن رسول الله دَعَا لَهُ أَنْ يُمَتِّعَهُ اللَّهُ بِشَبَابِهِ، فَبَقِيَ ثَمَانِينَ سَنَةً لَا يُرى فِي لِحْيَتِهِ شَعْرَةٌ بَيْضَاءُ، وَمَعَ هَذَا كَانَ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ دَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ، ثُمَّ صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ، فَشَهِدَ مَعَهُ الْجَمَلَ وَصِفِّينَ، وكان من جملة من أعان حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ فَتَطَلَّبَهُ زِيَادٌ فَهَرَبَ إِلَى الموصل، فبعث معاوية إلى نائبها فَوَجَدُوهُ قَدِ اخْتَفَى فِي غَارٍ فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ فَقَطَعَ رَأْسَهُ فَبَعَثَ بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَطِيفَ بِهِ فِي الشَّامِ وَغَيْرِهَا، فَكَانَ أَوَّلَ رَأْسٍ طِيفَ بِهِ.

ثُمَّ بَعَثَ مُعَاوِيَةُ بِرَأْسِهِ إِلَى زَوْجَتِهِ آمِنَةَ بِنْتِ الشَّرِيدِ - وَكَانَتْ فِي سِجْنِهِ - فأُلقي فِي حِجْرِهَا، فَوَضَعَتْ كَفَّهَا عَلَى جَبِينِهِ وَلَثَمَتْ فَمَهُ وَقَالَتْ: غَيَّبْتُمُوهُ عَنِّي طَوِيلًا، ثُمَّ أَهْدَيْتُمُوهُ إِلَيَّ قَتِيلًا فَأَهْلًا بِهَا مِنْ هدية غير قالية ولا مقيلة.

وَأَمَّا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ شَاعِرُ الإسلام فأسلم قَدِيمًا وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي سِيَاقِ تَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَانَ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ مِنْ تَخَلُّفِهِمْ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي التَّفْسِيرِ، وَكَمَا تقدَّم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ.

وَغَلِطَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَفِي قَوْلِهِ إِنَّهُ توفي


(١) في الاصابة ٢ / ٤٠١: عبد كلول.
(٢) في الاصابة ٢ / ٤٩٤ والاستيعاب على هامش الاصابة ٣ / ١٥٧: أسلم قبل الحديبية.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>