للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُورِيَّةَ.

وَفِيهَا كَانَتِ الرَّجْفَةُ بِالشَّامِ، وَفِيهَا افْتَتَحَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنْدَرَةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ.

وَفِيهَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فُتُوحَاتٍ عَظِيمَةً فِي دَوْلَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَلَى يَدَيْ أَوْلَادِهِ وَأَقْرِبَائِهِ وَأُمَرَائِهِ حَتَّى عَادَ الْجِهَادُ شَبِيهًا بِأَيَّامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَفِيهَا افْتَتَحَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ أَرْضَ الْهِنْدِ وَغَنِمَ أَمْوَالًا لَا تُعَدُّ وَلَا تُوصَفُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي غَزْوِ الْهِنْدِ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَغَيْرُهُ.

وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الشَّاشَ وَفَرْغَانَةَ حَتَّى بلغ خجندة، وكشان مَدِينَتَيْ فَرْغَانَةَ، وَذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصُّغْدِ وَفَتْحِ سَمَرْقَنْدَ، ثُمَّ خَاضَ تِلْكَ الْبِلَادَ يَفْتَحُ فِيهَا حَتَّى وَصَلَ إِلَى كَابُلَ فَحَاصَرَهَا وَافْتَتَحَهَا، وَقَدْ لَقِيَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي جُمُوعٍ هَائِلَةٍ مِنَ الترك فقاتلهم قتيبة عند خجندة فكسرهم مراراً وظفر بهم، وأخذ البلاد منهم، وقتل منهم خلقاً وأسر آخرين (١) ، وغنم أموالا كثيرة جداً.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ قَالَ سَحْبَانُ وَائِلٍ يذكر قتالهم بخجندة التي هي قريبة من بلاد الصين أبياتاً في ذلك: -

فَسَلِ الْفَوَارِسَ فِي خُجَنْ * دَةَ تَحْتَ مُرْهَفَةِ الْعَوَالِي هَلْ كُنْتُ أَجْمَعُهُمْ إِذَا * هُزِمُوا وَأُقْدِمُ فِي قِتَالِي أَمْ كُنْتُ أَضْرِبُ هَامَّةَ الْ * عَاتِي وَأَصْبِرُ لِلنِّزَالِ (٢) هَذَا وَأَنْتِ قَرِيعُ قَيْ * سٍ كُلِّهَا ضَخْمُ النَّوَالِ وَفَضَلْتَ قَيْسًا فِي النَّدَى * وَأَبُوكَ فِي الْحِجَجِ الْخَوَالِي تمَّت مُرُوءَتُكُمْ وَنَا * غَى عِزُّكُمْ غُلْبَ الْجِبَالِ وَلَقَدْ تَبَيَّنَ حكمك * فِيهِمُ فِي كُلِّ مَالِ هَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ جرير هَذَا مِنْ شِعْرِ سَحْبَانَ وَائِلٍ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ في منتظمه أن سحبان وائل مَاتَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَقْتَلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَتَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ قَدْ جَعَلَهُ عَلَى نَفَقَاتِ الْجُنْدِ حِينَ بعثه مع ابن الأشعث إلى قتال رتبيل ملك الترك، فَلَمَّا خَلَعَهُ ابْنُ الْأَشْعَثِ خَلَعَهُ مَعَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، فَلَمَّا ظَفِرَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الْأَشْعَثِ وَأَصْحَابِهِ هَرَبَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى نَائِبِهَا أَنْ يَبْعَثَهُ إِلَيْهِ، فلما سمع بذلك سعيد هرب


(١) قال ابن الاعثم ٧ / ٢٥٠: وقتل ملك فرغانة باشك صبرا وبلغ الوليد فتح فرغانة فكتب إليه ... وانظر نسخة الكتاب في الطبري ٨ / ٩٦ وسمط النجوم العوالي ٣ / ١٨٤.
(٢) في ابن الاثير ٤ / ٥٨١ والطبري ٨ / ٩١: للعوالي.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>