للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سليمان بن يسار أحد التابعين وهو أخو عطاء بن يسار، له روايات كثيرة، وكان من المجتهدين في العبادة، وكان من أحسن الناس وجهاً، توفي بالمدينة وعمره ثلاث وسبعون سنة، دخلت عليه امرأة من أحسن الناس وجهاً فأرادته على نفسها فأبى وتركها في منزله وخرج هارباً منها، فرأى يوسف عليه السلام في المنام.

فقال له: أنت يوسف؟ فقال: نعم أنا يوسف الذي هممت، وأنت سليمان الذي لم تهم.

وقيل إن هذه الحكاية إنما وقعت في بعض منازل الحجاج، وكان معه صاحب له، فبعثه إلى سوق الحجاج ليشتري شيئاً فانحطت على سليمان امرأة من الجبل حسناء فقالت له: هيت لك، فبكى واشتد بكاؤه فلما رأت ذلك منه ارتفعت في الجبل، وجاء صديقه فوجده يبكي فقال له: مالك تبكي؟ فقال خير، فقال: لعلك ذكرت بعض ولدك أو بعض أهلك؟ فقال: لا! فقال: والله لتخبرني ما أبكاك أنت.

قال: أبكاني حزني على نفسي، لو كنت مكانك لم أصبر عنها، ثم ذكر أنه نام فرأى يوسف في منامه كما تقدم والله أعلم.

عكرمة مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَحَدُ التَّابِعِينَ، وَالْمُفَسِّرِينَ الْمُكْثِرِينَ والعلماء الربانيين، والرحالين الجوالين.

وهو أبو عبد الله، وقد روى عن خلقٍ كثير من الصحابة، وكان أحد أوعية العلم، وقد أفتى في حياة مولاه ابن عباس، قال عكرمة: طلبت العلم أربعين سنة، وقد طاف عكرمة البلاد، ودخل إفريقية

واليمن والشام والعراق وخراسان، وبث علمه هنالك، وأخذ الصلات وجوائز الأمراء وقد روى ابن أبي شيبة عنه قال: كان ابن عباس يجعل في رجليَّ الكبل (١) يعلمني القرآن والسنن، وقال حبيب بن أبي ثابت: اجتمع عندي خمسة لا يجتمع عندي مثلهم أبداً، عطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد فأقبل سعيد ومجاهد يلقيان على عكرمة التفسير فلم يسألاه عن آية إلا فسرها لهما، فلما نفد ما عندهما جعل يقول: أنزلت آية كذا في كذا، قال: ثم دخلوا الحمام ليلاً.

قال جابر بن زيد: عكرمة أعلم الناس.

وقال الشعبي: ما بقي أحدٌ أعلم بكتاب الله من عكرمة.

وروى الإمام أحمد عن عبد الصمد عن سلام بن مسكين، سمعت قتادة يقول: أعلمهم بالتفسير عكرمة.

وقال سعيد بن جبير نحوه، وقال عكرمة: لقد فسرت ما بين اللوحتين.

وقال ابن علية عن أيوب: سأل رجل عكرمة عن آية فقال: نزلت في سفح ذلك الجبل - وأشار إلى سلع - وقال عبد الرزاق عن أبيه: لما قدم عكرمة الجند حمله طاوس على نجيب فقال: ابتعت علم هذا الرجل (٢) ، وفي رواية أن طاوساً حمله على نجيب ثمنة ستون ديناراً وقال: ألا نشتري علم هذا العبد بستين ديناراً!.


(١) الكبل: القيد.
(٢) زيد في طبقات ابن سعد ٥ / ٢٨٩: بهذا الجمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>