للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للقائه فجرح النقفور ثلاث جراح، وَانْهَزَمَ وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَغَنِمُوا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافِ دَابَّةٍ.

وفيها رابط القاسم بن الرَّشِيدِ بِمَرْجِ دَابِقٍ.

وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ الرَّشِيدُ، وكانت آخر حجاته.

وقد قال أبو بكر حِينَ رَأَى الرَّشِيدَ مُنْصَرِفًا مِنَ الْحَجِّ - وَقَدِ اجْتَازَ بِالْكُوفَةِ - لَا يَحُجُّ الرَّشِيدُ بَعْدَهَا، وَلَا يحج بعده خليفة أبداً.

وقد رأى الرشيد بهلول الموله فَوَعَظَهُ مَوْعِظَةً حَسَنَةً، فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ الْحَاجِبِ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ الرَّشِيدِ فَمَرَرْنَا بِالْكُوفَةِ فَإِذَا بُهْلُولٌ الْمَجْنُونُ يَهْذِي، فَقُلْتُ: اسْكُتْ فَقَدْ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَكَتَ.

فَلَمَّا حَاذَاهُ الْهَوْدَجُ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَنِي أيمن بن نائل (١) ، ثَنَا قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنَى عَلَى جَمَلٍ وَتَحْتَهٌ رَحْلٌ رَثٌّ، وَلَمْ يَكُنْ ثمَّ طَرْدٌ وَلَا ضَرْبٌ وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ.

قال الربيع فقلت: يا أمير المؤمنين إنه بهلول، فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُهُ، قُلْ يَا بُهْلُولُ فَقَالَ: هب أَنْ قَدْ مَلَكْتَ الْأَرْضَ طُرًّا * وَدَانَ لَكَ الْعِبَادُ فَكَانَ مَاذَا

أَلَيْسَ غَدًا مُصِيرُكَ جَوْفَ قبر (٢) * ويحثو عليك التراب هَذَا ثُمَّ هَذَا قَالَ: أَجَدْتَ يَا بُهْلُولُ، أَفَغَيْرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَنْ رزقه الله مالاً وجمالاً فَعَفَّ فِي جَمَالِهِ، وَوَاسَى فِي مَالِهِ، كُتِبَ في ديوان الله من الْأَبْرَارِ.

قَالَ: فَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُ شَيْئًا، فَقَالَ: إنا أمرنا بقضاء دينك.

فقال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، لا يقضى دين بِدَيْنٍ، ارْدُدِ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ وَاقْضِ دَيْنَ نَفْسِكَ مِنْ نَفْسِكَ.

قَالَ: إِنَّا أَمَرْنَا أَنْ يجرى عليك رزق تقتات به.

قَالَ: لَا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ سبحانه لا يعطيك وينساني.

وها أنا قد عشت عمراً لم تجر علي رزقاً، انصرف لا حاجة لي في جرايتك.

قال: هذه ألف دينار خذها.

فقال: ارددها على أصحابها فهو خير لك، وما أصنع أنا بها؟ انصرف عني فقد آذيتني.

قال: فانصرف عنه الرشيد وقد تصاغرت عنده الدنيا.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ إسماعيل بْنِ خَارِجَةَ، إِمَامُ أَهْلِ الشَّام فِي الْمَغَازِي وَغَيْرِ ذَلِكَ.

أَخَذَ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِمَا، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

وَقِيلَ قَبْلَهَا.

وَإِبْرَاهِيمُ الْمَوْصِلِيُّ النَّدِيمُ، وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَاهَانَ بْنِ بهمن أبو إسحاق، أحد الشعراء والمغنين والندماء للرشيد


(١) في صفة الصفوة ٢ / ٥١٧: نابل.
وهو أبو عمران ويقال أبو عمرو الحبشي المكي نزيل عسقلان صدوق يهم، من الخامسة.
(انظر تقريب التهذيب ١ / ٨٨) .
(٢) في صفة الصفوة: ترب بدل جوف قبر.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>