للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره، أصله من الفرس وولد بالكوفة وصحب شبانها وأخذ عنهم الغناء، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى الْمَوْصِلِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الكوفة فقالوا: الموصلي.

ثم اتَّصَلَ بِالْخُلَفَاءِ أَوَّلُهُمُ الْمَهْدِيُّ وَحَظِيَ عِنْدَ الرَّشِيدِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ سُمَّارِهِ وَنُدَمَائِهِ وَمُغَنِّيهِ، وَقَدْ أثرى وكثر ماله جداً، حتى قيل إِنَّهُ تَرَكَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَتْ لَهُ طُرَفٌ وَحِكَايَاتٌ غَرِيبَةٌ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سنة خمس عشرة (١) وَمِائَةٍ فِي الْكُوفَةِ، وَنَشَأَ فِي كَفَالَةِ بَنِي تَمِيمٍ، فَتَعَلَّمَ مِنْهُمْ وَنُسِبَ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ فَاضِلًا بَارِعًا فِي صِنَاعَةِ الْغِنَاءِ، وَكَانَ مُزَوَّجًا بِأُخْتِ المنصور

الْمُلَقَّبِ بِزَلْزَلٍ، الَّذِي كَانَ يَضْرِبُ مَعَهُ، فَإِذَا غنى هذا وضرب هذا اهتز المجلس.

توفي فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَحَكَى ابْنُ خَلِّكَانَ فِي الْوَفَيَاتِ أَنَّهُ تُوُفِّيَ وأبو العتاهية وأبو عمرو الشيباني بِبَغْدَادَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثَ عشرة ومائتين.

وصحح الأول.

ومن قوله في شعره عِنْدَ احْتِضَارِهِ قَوْلُهُ: ملَّ وَاللَّهِ طَبِيبِي * مِنْ مُقَاسَاةِ الَّذِي بِي سَوْفَ أُنْعَى عَنْ قَرِيبٍ * لَعَدُوٍّ وَحَبِيبِ وَفِيهَا مَاتَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحميد (٢) ، ورشد (٣) بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ (٤) ، وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ (٥) ، وَعُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْعَابِدُ أَحَدُ مَشَايِخِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ (٦) فِي قَوْلٍ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ فِيهَا رَجَعَ الرَّشِيدُ مِنَ الْحَجِّ وَسَارَ إِلَى الري فولى وعزل.

وفيها رد عَلِيَّ بْنَ عِيسَى إِلَى وِلَايَةِ خُرَاسَانَ، وَجَاءَهُ نواب تلك البلاد بِالْهَدَايَا وَالتُّحَفِ مِنْ سَائِرِ الْأَشْكَالِ وَالْأَلْوَانِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ فَأَدْرَكَهُ عِيدُ الْأَضْحَى بِقَصْرِ اللصوص (٧) فضحى عنده، ودخل إلى بَغْدَادَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَمَّا اجْتَازَ بِالْجِسْرِ أَمَرَ بِجُثَّةِ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى البرمكي فأحرقت ودفنت، وكانت مصلوبة من حين قتل إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، ثُمَّ ارْتَحَلَ الرَّشِيدُ مِنْ بغداد إلى الرقة ليسكنها وهو متأسف على بغداد وطيبها،


(١) في الاغاني ٥ / ١٥٥ وابن خلكان ١ / ٤٣: خمس وعشرين.
(٢) وهو جرير بن عبد الحميد الضبي أبو عبد الله مات وله ثمان وسبعون سنة روى عن منصور وطبقته من الكوفيين ورحل إليه الناس لثقته وسعة علمه.
(٣) وهو رشيدين المهري محدث مصر رجل دين صالح فيه ضعف.
قال السيوطي في حسن المحاضرة هو أبو الحجاج المصري من عقيل.
روى عن زياد بن فائد وحميد بن هاني وخلق.
(٤) الكلابي الكوفي، أبو محمد، روى عن عاصم الأحول وطبقته.
قال فيه أحمد: ثقة وزيادة مع صلاح وشدة فقر.
(٥) عقبة بن خالد السكوني روى عن هشام بن عروة وطبقته.
(٦) أبو عمرو بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.
ثقة مأمون، كان بصيرا بالنحو.
وكان يغزو سنة ويحج سنة.
(٧) سمي بذلك لأن جيشا من المسلمين نزلوا به فسرقت دوابهم.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>