للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها توفي عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ.

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ.

وَعَبْدَانُ (١) .

وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فِيهَا جهز المعتصم جيشاً كثيراً مدداً للأفشين على محاربة بابك وَبَعَثَ إِلَيْهِ ثَلَاثِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ نَفَقَةً للجند، فاقتتلوا قِتَالًا عَظِيمًا، وَافْتَتَحَ الْأَفْشِينُ الْبَذَّ مَدِينَةَ بَابَكَ واستباح ما فيها، وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ.

وَذَلِكَ بَعْدَ مُحَاصَرَةٍ وَحُرُوبٍ هَائِلَةٍ وَقِتَالٍ شَدِيدٍ وجهد جهيد.

وقد

أطال بن جرير بسط ذلك جِدًّا.

وَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّهُ افْتَتَحَ الْبَلَدَ وَأَخَذَ جميع ما فيه من الأموال مما قدر عليه.

ذكر مسك بابك لَمَّا احْتَوَى الْمُسْلِمُونَ عَلَى بَلَدِهِ الْمُسَمَّى بِالْبَذِّ وهي دار ملكه ومر سلطته هَرَبَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَعَهُ أمه وامرأته، فانفرد في شرذمة قليلة ولم يبق معهم طعام، فاجتازوا بحراث فبعث غلامه إليه وأعطاه ذهباً فَقَالَ: أَعْطِهِ الذَّهَبَ وَخُذْ مَا مَعَهُ مِنَ الْخُبْزِ، فَنَظَرَ شَرِيكٌ الْحَرَّاثِ إِلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ وَهُوَ يَأْخُذُ مِنْهُ الْخُبْزَ، فَظَنَّ أَنَّهُ قَدِ اغْتَصَبَهُ مِنْهُ، فَذَهَبَ إِلَى حِصْنٍ هُنَاكَ فِيهِ نَائِبٌ لِلْخَلِيفَةِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ سُنْبَاطٍ لِيَسْتَعْدِيَ عَلَى ذَلِكَ الْغُلَامِ، فَرَكِبَ بِنَفْسِهِ وَجَاءَ فَوَجَدَ الْغُلَامَ فَقَالَ: مَا خَبَرُكَ؟ فَقَالَ: لَا شئ، إنما أعطيته دنانير وأخذت منه الْخُبْزَ.

فَقَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ فَأَرَادَ أَنْ يُعَمِّيَ عَلَيْهِ الْخَبَرَ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: مِنْ غِلْمَانِ بابك، فقال: وأين هو؟ فقال: ها هو ذَا جَالِسٌ يُرِيدُ الْغَدَاءَ.

فَسَارَ إِلَيْهِ سَهْلُ بن سنباط فلما رآه ترجّل وقبل يَدَهُ وَقَالَ: يَا سَيِّدِي أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَدْخُلَ بِلَادَ الرُّومِ، فَقَالَ:: إِلَى عِنْدِ مَنْ تَذْهَبُ أَحْرَزُ مِنْ حِصْنِي وَأَنَا غُلَامُكَ وَفِي خِدْمَتِكَ؟ وَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى خَدَعَهُ وَأَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى الْحِصْنِ فَأَنْزَلَهُ عِنْدَهُ وَأَجْرَى عَلَيْهِ النَّفَقَاتِ الْكَثِيرَةَ وَالتُّحَفَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وكتب إلى الأفشين يعلمه، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَمِيرَيْنِ لِقَبْضِهِ، فَنَزَلَا قَرِيبًا مِنَ الْحِصْنِ وَكَتَبَا إِلَى ابْنِ سُنْبَاطٍ فَقَالَ: أَقِيمَا مَكَانَكُمَا حَتَّى يَأْتِيَكُمَا أَمْرِي.

ثُمَّ قَالَ لِبَابَكَ: إنه قد حصل لك هم وَضِيقٌ مِنْ هَذَا الْحِصْنِ وَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى الْخُرُوجِ الْيَوْمَ إِلَى الصَّيْدِ وَمَعَنَا بُزَاةٌ وَكِلَابٌ، فإن أحببت أن تخرج معنا لتشرح صدرك وتذهب همك فافعل.

قَالَ: نَعَمْ! فَخَرَجُوا وَبَعَثَ ابْنُ سُنْبَاطٍ إِلَى الأميرين أن كونوا مكان كذا وكذا في وقت كذا وكذا من النهار، فلما كانا


(١) عبدان واسمه عبد الله بن عثمان المروزي محدث مرو وشيخها وكان ثقة جليل القدر معظما روى عنه البخاريّ غيره.
عاش ٧٦ سنة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>