للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها ولى المتوكل ابنه محمد الْمُنْتَصِرَ الْحِجَازَ وَالْيَمَنَ وَعَقَدَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فِي رَمَضَانَ مِنْهَا.

وَفِيهَا عَمَدَ مَلِكُ الرُّومِ مِيخَائِيلُ بْنُ تَوْفِيلَ إِلَى أُمِّهِ تَدُورَةَ فَأَقَامَهَا بِالشَّمْسِ وَأَلْزَمَهَا الدَّيْرَ وَقَتَلَ الرَّجُلَ الَّذِي اتهمها به، وكان ملكها ست سنين.

وفيها حج بالناس محمد بن داود أمير مكة.

وفيها توفي إبراهيم بن الحجاج الشامي (١) ، وحبان بن موسى العربي (٢) ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ (٣) ، وَسَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ (٤) ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ الْقَاضِي (٥) ، وَمُحَمَّدُ بن عائذ الدمشقي صاحب المغازي، ويحيى الْمَقَابِرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ والتعديل، وأستاذ أهل هذه الصناعة في زمانه.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ فِيهَا خرج محمد بن البعيث بن حلبس عن الطاعة في بلاده أَذْرَبِيجَانَ، وَأَظْهَرَ أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ قَدْ مَاتَ وَالْتَفَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الرَّسَاتِيقِ، وَلَجَأَ إِلَى مَدِينَةِ مَرَنْدَ فَحَصَّنَهَا، وَجَاءَتْهُ الْبُعُوثُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُتَوَكِّلُ جُيُوشًا يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَنَصَبُوا عَلَى بَلَدِهِ الْمَجَانِيقَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَحَاصَرُوهُ مُحَاصِرَةً عَظِيمَةً جِدًّا، وَقَاتَلَهُمْ مقاتلةً هائلةً، وصبر هو وأصحابه صبر بَلِيغًا، وَقَدِمَ بُغَا الشَّرَابِيُّ لِمُحَاصَرَتِهِ، فَلَمْ يَزَلْ به حتى أسره واستباح أمواله وحريمه وقتل خلقاً من رؤوس أَصْحَابِهِ، وَأَسَرَ سَائِرَهُمْ وَانْحَسَمَتْ مَادَّةُ ابْنِ الْبُعَيْثِ.

وَفِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا خَرَجَ الْمُتَوَكِّلُ إِلَى الْمَدَائِنِ.

وَفِيهَا حَجَّ إِيتَاخُ أَحَدُ الْأُمَرَاءِ الْكِبَارِ وهو والي مكة، وَدُعِيَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَقَدْ كَانَ إِيتَاخُ هذا غلاماً خزرياً طباخاً، وكان لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ سَلَّامٌ الْأَبْرَشُ، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ الْمُعْتَصِمُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، فَرَفَعَ منزلته وحظي عنده، وكذلك الواثق من بعده، ضَمَّ إِلَيْهِ أَعْمَالًا كَثِيرَةً، وَكَذَلِكَ عَامَلَهُ الْمُتَوَكِّلُ وذلك لفروسيته ورجلته وشهامته، وَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ شَرِبَ لَيْلَةً مَعَ الْمُتَوَكِّلِ فَعَرْبَدَ عَلَيْهِ الْمُتَوَكِّلُ فَهَمَّ إِيتَاخُ بِقَتْلِهِ.

فَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ اعْتَذَرَ الْمُتَوَكِّلُ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ أَبِي وَأَنْتَ رَبَّيْتَنِي، ثُمَّ دس إليه من يشير إليه بِأَنْ يَسْتَأْذِنَ لِلْحَجِّ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ، وَأَمَّرَهُ عَلَى كُلِّ بَلْدَةٍ يَحِلُّ بِهَا، وَخَرَجَ الْقُوَّادُ في


(١) المحدث بالبصرة روى عن الحمادين وخرج له النسائي.
(٢) وهو حبان بن موسى بن سوار السلمي أبو محمد المروزي، وقيل أبو أحمزة السكري روى عن ابن المبارك وكان ثقة
مشهورا.
(٣) أبو أيوب التميمي ابن بنت شرحبيل، الشامي الحافظ محدث دمشق مات في صفر وله ٨٠ سنة.
(٤) وهو سهل بن عثمان بن فارس الكندي، أبو مسعود العسكري نزيل الري أحد الحفاظ.
قال في تقريب التهذيب مات سنة ٢٣٥.
(٥) أبو عبد الله القاضي الفقيه مات وقد جاوز المئة تفقه على أبي يوسف وروي عن الليث بن سعد وله مصنفات.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>