للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْيَوْمَ حَاجَتُنَا إِلَيْكَ وَإِنَّمَا * يُدْعَى الطَّبِيبُ لِسَاعَةِ الْأَوْصَابِ ثُمَّ رَوَى الْخَطِيبُ أَنَّ أَبَا تَمَّامٍ دخل على ابن أَبِي دُؤَادٍ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ: أَحْسَبُكَ عَاتِبًا، فَقَالَ: إِنَّمَا يُعْتَبُ عَلَى وَاحِدٍ وَأَنْتَ النَّاسُ جميعاً، فقال له: أَنَّى لَكِ هَذَا؟ فقال: من قول أبي نواس: وليس على الله بِمُسْتَنْكَرٍ * أَنْ يَجْمَعَ الْعَالَمَ فِي وَاحِدِ (١) وَامْتَدَحَهُ أبو تمام يوماً فقال:

لقد أنست مساوى كُلِّ دَهْرٍ * مَحَاسِنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي دُؤَادِ وَمَا سَافَرْتُ فِي الْآفَاقِ إِلَّا * وَمِنْ جَدْوَاكَ (٢) راحلتي وزادي نعم (٣) الظَّنُّ عِنْدَكَ وَالْأَمَانِي * وَإِنْ قَلِقَتْ رِكَابِي فِي الْبِلَادِ فَقَالَ لَهُ: هَذَا الْمَعْنَى تَفَرَّدْتَ بِهِ أَوْ أَخَذْتَهُ مَنْ غَيْرِكَ؟ فَقَالَ: هُوَ لِي، غير أني ألمحت بِقَوْلِ أَبِي نُوَاسٍ: وَإِنْ جَرَتِ الْأَلْفَاظُ يَوْمًا بِمِدْحَةٍ * لِغَيْرِكَ إِنْسَانًا فَأَنْتَ الَّذِي نَعْنِي وَقَالَ محمد بن الصُّولِيُّ: وَمِنْ مُخْتَارِ مَدِيحِ أَبِي تَمَّامٍ لِأَحْمَدَ بْنِ أَبِي دُؤَادٍ قَوْلُهُ: أَأَحْمَدُ إِنَّ الْحَاسِدِينَ كثير * ومالك إِنْ عُدَّ الْكِرَامُ نَظِيرُ حَلَلْتَ مَحَلًّا فَاضِلًا متقادما * مِنَ الْمَجْدِ وَالْفَخْرُ الْقَدِيمُ فَخُورُ فَكُلُّ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ فَإِنَّهُ * إِلَيْكَ وَإِنْ نَالَ السَّمَاءَ فَقِيرُ إِلَيْكَ تَنَاهَى الْمَجْدُ مِنْ كُلِّ وِجْهَةٍ * يصير فما يعدوك حيث يصير وَبَدْرُ إِيَادٍ أَنْتَ لَا يُنْكِرُونَهُ * كَذَاكَ إِيَادٌ لِلَأَنَامِ بُدُورُ تَجَنَّبْتَ أَنْ تُدَعَى الْأَمِيرَ تَوَاضُعًا * وَأَنْتَ لِمَنْ يُدْعَى الْأَمِيرَ أَمِيرُ فَمَا مِنْ يد إلا إليك ممدة * وما رفعة إلا إليك تشير قلت: قد أخطأ الشاعر فيّ هذه الأبيات خطأً كبيراً، وأفحش في المبالغة فحشاً كثيراً، ولعله إن اعتقد هذا في مخلوق ضعيف مسكين ضال مضل، أن يكون له جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً.

وقال ابن أبي دؤاد يوماً لبعضهم: لما لِمَ لَا تَسْأَلُنِي؟ فَقَالَ لَهُ: لِأَنِّي لَوْ سألتك أعطيتك ثمن صلتك.

فَقَالَ لَهُ: صَدَقْتَ.

وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِخَمْسَةِ آلَافِ درهم.


(١) قاله أبو نواس في مدح الفضل بن الربيع.
(٢) في مروج الذهب ٤ / ١١٣: فما ... ومن جدواه (ديوانه ١ / ٣٧٨ وأخبار أبي تمام للصولي) .
(٣) في مروج الذهب: مقيم.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>