للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها خرج رجل آخر في الكوفة يقال له علي بن زيد الطالبي، وجاء جَيْشٌ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ فَكَسَرَهُ الطَّالِبِيُّ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ بِالْكُوفَةِ وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، وَتَفَاقَمَ أَمْرُهُ.

وَفِيهَا وَثَبَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاصِلٍ التَّمِيمِيُّ عَلَى نَائِبِ الأهواز الْحَارِثِ بْنِ سِيمَا الشَّرَابِيِّ فَقَتَلَهُ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى بلاد الأهواز (١) .

وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا تَغَلَّبَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ الطَّالِبِيُّ عَلَى بِلَادِ الرَّيِّ فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ مُوسَى بن بغا في شوال، وَخَرَجَ الْخَلِيفَةُ لِتَوْدِيعِهِ.

وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ على باب دمشق بين أما جور نَائِبِ دِمَشْقَ - وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا قَرِيبٌ من أربعمائة فارس - وبين ابن (٢) عيسى بن الشَّيخ، وَهُوَ فِي قَرِيبٍ مَنْ عِشْرِينَ أَلْفًا، فهزمه أما جور وجاءت ولاية من الخليفة لابن الشيخ على بِلَادَ أَرْمِينِيَّةَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ أَهْلَ الشَّامِ، فقبل ذلك وانصرف عنهم.

وفيها حج بالناس محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور، وكان في جملة من حج أبو أحمد بن الْمُتَوَكِّلِ.

فَتَعَجَّلَ وَعَجَّلَ السَّيْرَ إِلَى سَامَرَّا فَدَخَلَهَا ليلة الأربعاء لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.

وفيها توفي المهتدي بالله الخليفة كما تقدم رحمه الله تعالى.

والزبير بن بكار ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الْقُرَشِيُّ الزُّبَيْرِيُّ قَاضِي مَكَّةَ.

قَدِمَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا، وله كتاب أنساب قريش، وكان من أهل العلم بِذَلِكَ، وَكِتَابُهُ فِي ذَلِكَ حَافِلٌ جِدًّا.

وَقَدْ روى عنه ابن ماجة وغيره، ووثقه الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطِيبُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَعَلَى كِتَابِهِ وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً فِي ذِي القعدة من هذه السنة.

الإمام محمد بن إسماعيل الْبُخَارِيُّ صَاحِبُ الصَّحِيحِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا لَهُ تَرْجَمَةً حَافِلَةً فِي أَوَّلِ شَرْحِنَا لِصَحِيحِهِ، وَلْنَذْكُرْ هَاهُنَا نبذة يسيرة من ذلك فنقول: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ المغيرة بن يزدزبه (٣) الْجُعْفِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ الْحَافِظُ، إِمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي زَمَانِهِ، وَالْمُقْتَدَى بِهِ فِي أَوَانِهِ، وَالْمُقَدَّمُ عَلَى سَائِرِ أَضْرَابِهِ وَأَقْرَانِهِ، وكتابه الصحيح يستقى بقراءته الغمام، وأجمع العلماء على قبوله وصحة ما فيه، وكذلك سائر أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وُلِدَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ،

وَمَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَنَشَأَ فِي حِجْرِ أُمِّهِ فَأَلْهَمَهُ اللَّهُ حِفْظَ الْحَدِيثِ وَهُوَ فِي الْمَكْتَبِ، وَقَرَأَ الْكُتُبَ الْمَشْهُورَةَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ وَهُوَ صَبِيٌّ سَبْعِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ سَرْدًا، وَحَجَّ وَعَمُرُهُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً.

فأقام بمكة يطلب بها الحديث، ثم رحل بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى سَائِرِ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ فِي


(١) في الطبري ١١ / ٢١٤ وابن الاثير ٧ / ٢٤٠: على بلاد فارس.
(٢) وهو منصور بن عيسى بن الشيخ - ذكره ابن الأثير.
(٣) قال ابن ماكولا في الاكمال: هو يزدزبه، وفي وفيات الاعيان: يزذبه.
وقال عبد الغني صاحب الكمال.
بردزبة مجوسي مات عليها.
أما المغيرة فقد أسلم على يد والي بخارى (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>