للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّابِعَةِ، وَالْمِرِّيخُ فِي الْخَامِسَةِ، وَالْمُشْتَرَى فِي السَّادِسَةِ، وَزُحَلُ فِي السَّابِعَةِ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْبَابَكِيَّةِ جَمَاعَةٌ يُقَالُ إِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَيْلَةً هُمْ وَنِسَاؤُهُمْ ثُمَّ يطفئون المصباح وينتهبون النساء فمن وقعت يده في امْرَأَةٌ حَلَّتْ لَهُ.

وَيَقُولُونَ هَذَا اصْطِيَادٌ مُبَاحٌ لعنهم الله.

وقد ذكر ابن الجوزي تفصيل قولهم وبسطه، وقد سبقه إلى ذلك أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ الْمُتَكَلِّمُ الْمَشْهُورُ فِي كِتَابِهِ " هَتْكُ الْأَسْتَارِ وَكَشْفُ الْأَسْرَارِ " فِي الرَّدِّ عَلَى الْبَاطِنِيَّةِ، وَرَدَّ عَلَى كِتَابِهِمُ الَّذِي جَمَعَهُ بَعْضُ قُضَاتِهِمْ بِدِيَارِ مِصْرَ فِي أَيَّامِ الْفَاطِمِيِّينَ الَّذِي سماه " البلاغ الأعظم والناموس الأكبر " وجعله سِتَّ عَشْرَةَ دَرَجَةً أَوَّلُ دَرَجَةٍ أَنْ يَدْعُوَ مَنْ يَجْتَمِعُ بِهِ أَوَّلًا إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إِلَى الْقَوْلِ بِتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى عثمان بن عفان، ثم ينتقل به إِذَا وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى تَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، ثُمَّ يَتَرَقَّى به إِلَى سَبِّهِمَا لِأَنَّهُمَا ظَلَمَا عَلِيًّا وَأَهْلَ الْبَيْتِ، ثُمَّ يَتَرَقَّى بِهِ إِلَى تَجْهِيلِ الْأُمَّةِ وَتَخْطِئَتِهَا فِي مُوَافَقَةِ أَكْثَرِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَشْرَعُ فِي الْقَدْحِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ حَيْثُ هُوَ.

وَقَدْ ذَكَرَ لِمُخَاطَبَتِهِ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِذَلِكَ شُبَهًا وَضَلَالَاتٍ لَا تَرُوجُ إِلَّا عَلَى كُلِّ غَبِيٍّ جَاهِلٍ شَقِيٍّ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) [الذاريات: ٧] أي يضل به من هو ضال.

وقال (فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم) [الصافات: ١٦٢] وقال (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لكم نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ.

وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هم مقترفون) [الانعام: ١١٢]

إلى غير ذلك من الآيات التي تتضمن أن الباطل والجهل والضلال والمعاصي لَا يَنْقَادُ لَهَا إِلَّا شِرَارُ النَّاس كَمَا قال بعض الشعراء: إن هو من مستحوذ على أحد * إلاعلى أَضْعَفِ الْمَجَانِينِ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لَهُمْ مقامات في الكفر والزندقة والسخافة مما ينبغي لضعيف العقل والدين أن ينزه نفسه عنه إذا تصوره، وهو مما فتحه إبليس عليهم من أنواع الكفر وأنواع الجهالات، وربما أفاد إبليس بعضهم أشياء لم يكن يعرفها كما قال بعض الشُّعراء: وَكُنْتُ امْرَأً مِنْ جُنْدِ إِبْلِيسَ بُرهةً * مِنَ الدَّهر حَتَّى صَارَ إِبْلِيسُ مِنْ جُنْدِي وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ تَحَرَّكَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثم استفحل أمرهم وتفاقم الحال بهم كما سنذكره، حتى آل بهم الْحَالُ إِلَى أَنْ دَخَلُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَسَفَكُوا دم الحجيج في وسط المسجد حول الكعبة وكسروا الحجر الأسود واقتلعوه من موضعه، وذهبو بِهِ إِلَى بِلَادِهِمْ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عِنْدَهُمْ إِلَى سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَمَكَثَ غَائِبًا عَنْ مَوْضِعِهِ من البيت ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون.

وكل ذلك من ضعف الخليفة وتلاعب الترك بمنصب الخلافة واستيلائهم على البلاد وتشتت الأمر.

وقد اتفق فِي هَذِهِ السَّنَةِ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا ظُهُورُ هَؤُلَاءِ، والثاني موت حسام الإسلام وناصر دين

<<  <  ج: ص:  >  >>