للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَشَايِخِ الْكَثِيرَ النَّافِعَ وَصَنَّفَ الْكُتُبَ الْمُفِيدَةَ الْحَافِلَةَ النَّافِعَةَ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَلَاةً وَأَكْثَرِهِمْ خشوعاً فيها، وقد صنف كتاباً عظيماً في الصلاة.

وقد روى الخطيب عنه أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ مِصْرَ قَاصِدًا مَكَّةَ فَرَكِبْتُ الْبَحْرَ وَمَعِي جَارِيَةٌ فَغَرِقَتِ السَّفِينَةُ فَذَهَبَ لِي فِي الْمَاءِ أَلْفَا جُزْءٍ وَسَلِمْتُ أَنَا وَالْجَارِيَةُ فَلَجَأْنَا إِلَى جَزِيرَةٍ فَطَلَبْنَا بِهَا مَاءً فَلَمْ نَجِدْ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى فَخِذِ الْجَارِيَةِ وَيَئِسْتُ مِنَ الْحَيَاةِ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا رَجُلٌ قَدْ أَقْبَلَ وَفِي يَدِهِ كُوزٌ فَقَالَ: هَاهَ، فَأَخَذْتُهُ فَشَرِبْتُ مِنْهُ وَسَقَيْتُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ وَلَا إلى أين ذهب.

ثم إن الله سبحانه أغاثنا فنجانا من ذلك الغم.

وَقَدْ كَانَ مِنْ أَكْرَمِ النَّاسِ وَأَسْخَاهُمْ نَفْسًا.

وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ يَصِلُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَيَصِلُهُ أَخُوهُ إِسْحَاقُ بْنُ أحمد بأربعة آلاف، وَيَصِلُهُ أَهْلُ سَمَرْقَنْدَ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَيُنْفِقُ ذَلِكَ كُلَّهُ، فَقِيلَ لَهُ: لَوِ ادَّخَرْتَ شَيْئًا لِنَائِبَةٍ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَنَا كُنْتُ بِمِصْرَ أُنْفِقُ فيها فِي كُلِّ سَنَةٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَرَأَيْتُ إِذَا لم

يحصل لي شئ من هذا المال لَا يَتَهَيَّأُ لِي فِي السَّنَةِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا.

وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ إِذَا دَخَلَ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ السَّامَانِيِّ يَنْهَضُ لَهُ وَيُكْرِمُهُ، فَعَاتَبَهُ يَوْمًا أَخُوهُ إِسْحَاقُ، فَقَالَ لَهُ: تَقُومُ لِرَجُلٍ فِي مَجْلِسِ حُكْمِكَ وَأَنْتَ مَلِكُ خُرَاسَانَ؟ قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَنَا مشتت القلب من قول أخي وكانوا هم ملوك خراسان وما وراء النهر قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ: " يَا إِسْمَاعِيلُ ثَبِّتْ مُلْكَكَ وَمُلْكَ بَنِيكَ بِتَعْظِيمِكَ مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ، وَذَهَبَ مُلْكُ أَخِيكَ بِاسْتِخْفَافِهِ بِمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ ".

وقد اجْتَمَعَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ.

ومحمَّد بن جرير الطبري.

وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، فَجَلَسُوا فِي بَيْتٍ يَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ شئ يقتاتونه، فاقترعوا فيما بينهم أيهم يخرج يسعى لهم في شئ يأكلونه، فوقعت القرعة على محمد بن نصر هذا فقام إِلَى الصَّلَاةِ فَجَعَلَ يُصَلِّي وَيَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وجل، وذلك وقت القائلة، فرأى نائب مصر وهو طولون وقيل أَحْمَدَ بْنَ طُولُونَ فِي مَنَامِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يقول له: " أدرك المحدثين فإنهم ليس عندهم ما يقتاتونه ".

فانتبه من ساعته فسأل: من ها هنا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ؟ فَذُكِرَ لَهُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فِي السَّاعة الرَّاهنة بِأَلْفِ دِينَارٍ، فَدَخَلَ الرسول بها عليهم وأزال الله ضررهم ويسر أمرهم.

واشترى طولون تلك الدار وبناها مسجداً وجعلها على أهل الحديث وأوقف عليها أوقافاً جزيلة.

وَقَدْ بَلَغَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ سِنًّا عَالِيَةً وَكَانَ يَسْأَلُ اللَّهَ وَلَدًا فَأَتَاهُ يَوْمًا إِنْسَانٌ فبشره بولد ذكر، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إسماعيل، فاستفاد الحاضرون من ذلك عدة فَوَائِدَ: مِنْهَا أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ لَهُ عَلَى الكبر ولد ذكر بعد ما كان يسأل الله عز وجل، ومنها أنه سمي يَوْمَ مَوْلِدِهِ كَمَا سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ولده إبراهيم يوم مولده قبل السابع، ومنها اقتداؤه بالخليل أول ولد له بإسماعيل.

مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عِمْرَانَ الْمَعْرُوفُ وَالِدُهُ بِالْحَمَّالِ، وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ وَسَمِعَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بن معين وغيرهما، وكان إمام عصره في حفظ الحديث ومعرفة الرجال، وكان ثقة متقناً شَدِيدَ الْوَرَعِ عَظِيمَ الْهَيْبَةِ، قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْحَافِظُ الْمِصْرِيُّ: كَانَ أَحْسَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>