للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصولي والطبراني، وكان أديباً فاضلاً، وَمِنْ شِعْرِهِ: حَقُّ التَّنَائِي بِيَنَ أَهْلِ الْهَوَى * تَكَاتَبٌ يُسْخِنُ عَيْنَ النَّوَى وَفِي التَّدَانِي لَا انْقَضَى عُمْرُهُ * تَزَاوُرٌ يَشْفِي غَلِيلَ الْجَوَى وَاتَّفَقَ لَهُ مَرَّةً أَنَّ جَارِيَةً لَهُ مَرِضَتْ فَاشْتَهَتْ ثلجا، وكانت حظية عنده، فلم يوجد الثلج إلا عند رجل، فساومه وكيله على رطل منه فامتنع من بيع إِلَّا كُلُّ رِطْلٍ بِالْعِرَاقِيِّ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ - وَذَلِكَ لِعِلْمِ صَاحِبِ الثَّلْجِ بِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ - فَرَجَعَ الوكيل ليشاوره فقال: ويحك! اشتره ولو بما عساه أن يكون، فرجع إلى صاحب الثلج فقال: لَا أَبِيعُهُ إِلَّا بِعَشَرَةِ آلَافٍ.

فَاشْتَرَاهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ ثُمَّ اشْتَهَتِ الْجَارِيَةُ ثَلْجًا أَيْضًا - وَذَلِكَ لِمُوَافَقَتِهِ لَهَا - فَرَجَعَ فَاشْتَرِي مِنْهُ رِطْلًا آخَرَ بعشرة آلاف.

ثم آخر بعشرة آلاف وَبَقِيَ عِنْدَ صَاحِبِ الثَّلْجِ رِطْلَانِ فَنَطَفَتْ نَفْسُهُ إِلَى أَكْلِ رِطْلٍ مِنْهُ لِيَقُولَ: أَكَلْتُ رِطْلًا مِنَ الثَّلْجِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، فَأَكَلَهُ وَبَقِيَ عِنْدَهُ رِطْلٌ فَجَاءَهُ الْوَكِيلُ فَامْتَنَعَ أَنْ يَبِيعَهُ الرِّطْلَ إِلَّا بِثَلَاثِينَ أَلْفًا فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ فَشُفِيَتِ الْجَارِيَةُ وَتَصَدَّقَتْ بِمَالٍ جَزِيلٍ فَاسْتَدْعَى سَيِّدُهَا صَاحِبَ الثَّلْجِ فأعطاه من تلك الصدقة مالاً جزيلاً فصار من أكثر الناس مالاً بعد ذلك، وَاسْتَخْدَمَهُ ابْنُ طَاهِرٍ عِنْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِمَّنْ توفي في حدود الثلثمائة من الهجرة:

الصنوبري الشاعر وهو محمد بن أحمد بن محمد بن مراد أَبُو بَكْرٍ الضَّبِّيُّ الصَّنَوْبَرِيُّ الْحَنْبَلِيُّ.

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ شَاعِرًا مُحْسِنًا.

وَقَدْ حَكَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَخْفَشِ، ثُمَّ ذَكَرَ أشياء من لطائف شعره فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: لَا النَّوْمُ أَدْرِي بِهِ وَلَا الْأَرَقُ * يَدْرِي بِهَذَيْنِ مَنْ بِهِ رَمَقُ إِنَّ دُمُوعِي مِنْ طُولِ مَا اسْتَبَقَتْ * كَلَّتْ فما تستطيع تستبق ولي مَلك لَمْ تَبْدُ صُورَتُهُ * مُذْ كَانَ إِلَّا صَلَّتْ لَهُ الْحَدَقُ نَوَيْتُ تَقْبِيلَ نَارِ وَجْنَتِهِ * وَخِفْتُ أَدْنُو مِنْهَا فَأَحْتَرِقُ وَلَهُ أَيْضًا: شَمْسٌ غَدَا يشبه شمساً غدت * وخدها في النور من خده تَغِيبُ فِي فِيهِ وَلَكِنَّهَا * مِنْ بَعْدِ ذَا تَطْلُعُ فِي خَدِّهِ وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيِّ قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرٍ الصنوبري فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>