للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِجَحْظَةَ الشَّاعِرُ الْمَاهِرُ الْأَدِيبُ الْأَخْبَارِيُّ، ذُو الْفُنُونِ فِي الْعُلُومِ وَالنَّوَادِرِ الْحَاضِرَةِ، وَكَانَ جَيِّدَ الْغِنَاءِ.

وَمِنْ شِعْرِهِ: قَدْ نَادَتِ الدُّنْيَا عَلَى نَفْسِهَا * لَوْ كَانَ فِي الْعَالَمِ مَنْ يَسْمَعُ كَمْ آمل خيّبت آماله * وَجَامِعٍ بَدَّدْتُ مَا يَجْمَعُ وَكَتَبَ لَهُ بَعْضُ الْمُلُوكِ رُقْعَةً عَلَى صَيْرَفِيٍّ بِمَالٍ أَطْلَقَهُ لَهُ فلم يحصل له، فكتب إلى الملك يذكر له ذلك: إِذَا كَانَتْ صِلَاتُكُمْ رِقَاعًا * تُخَطَّطُ بِالْأَنَامِلِ وَالْأَكُفِّ فلا تجد الرقاع عليّ نفعاً * فذا خطي فخذه بِأَلْفِ أَلْفِ وَمِنْ شَعْرِهِ يَهْجُو صَدِيقًا لَهُ ويذمه على شدة شحه وبخله وحرصه فقال: لَنَا صَاحِبٌ مِنْ أَبْرَعِ النَّاسِ فِي الْبُخْلِ * يسمى بفضل، وهو ليس بِذِي فَضْلِ دَعَانِي كَمَا يَدْعُو الصَّدِيقُ صَدِيقَهُ * فَجِئْتُ كَمَا يَأْتِي إِلَى مِثْلِهِ مِثْلِي

فَلَمَّا جَلَسْنَا لِلْغَدَاءِ رَأَيْتُهُ * يَرَى أَنَّمَا مِنْ بَعْضِ أعضائه أكلي فيغتاظ أحياناً ويشتم عبده * فأعلم أَنَّ الْغَيْظَ وَالشَّتْمَ مِنْ أَجْلِي أَمُدُّ يَدِي سِرًّا لِآكُلَ لُقْمَةً * فَيَلْحَظُنِي شَزْرًا فَأَعْبَثُ بِالْبَقْلِ إلى أن جنت كفي علي جِنَايَةً * وَذَلِكَ أَنَّ الْجُوعَ أَعْدَمَنِي عَقْلِي فَأَهْوَتْ يميني نحو رجل دجاجة * فجرت رجلها كما جرت يدي رجلي ومن قوي شعره قَوْلُهُ: رَحَلْتُمْ فَكَمْ مِنْ أَنَّةٍ بَعْدَ حَنَّةٍ * مُبَيِّنَةٍ لِلنَّاسِ حُزْنِي عَلَيْكُمُ وَقَدْ كُنْتُ أَعْتَقْتُ الْجُفُونَ مِنَ الْبُكَا * فَقَدْ رَدَّهَا فِي الرِّقِّ شوقي إليكم وقد أورد له ابن خلكان من شعره الرَّائِقِ قَوْلُهُ: فَقُلْتُ لَهَا: بَخِلْتِ عَلَيَّ يَقْظَى * فَجُودِي فِي الْمَنَامِ لِمُسْتَهَامِ فَقَالَتْ لِي: وَصِرْتَ تَنَامُ أَيْضًا * وَتَطْمَعُ أَنْ أَزُورَكَ فِي الْمَنَامِ؟ قَالَ: وَإِنَّمَا لَقَّبَهُ بِجَحْظَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المعتز، وذلك لسوء منظره بمآقيه.

قال بعض من هجاه (١) :


(١) البيتان لابن الرومي قالهما في خلقه المشوه (الوفيات ١ / ١٣٤) (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>