للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ (١) .

وَكَانَ ابْنُ شِيرَزَادَ كاتبه، وكان غائباً بهيت لتخليص المال، فلما بلغه موته أَرَادَ أَنْ يَعْقِدَ الْبَيْعَةَ لِنَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حمدان فاضطربت الأجناد وعقدوا الرياسة عليهم لابن شيرزاد فحضر ونزل بباب حرب مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ الْأَجْنَادُ كُلُّهُمْ وَحَلَفُوا له وحلف الْخَلِيفَةُ وَالْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ، وَدَخَلَ عَلَى الْخَلِيفَةِ فَخَاطَبَهُ بأمير الأمراء، وزاد في أرزاق الجند وَبَعَثَ إِلَى نَاصِرِ الدَّوْلَةِ يُطَالِبُهُ بِالْخَرَاجِ، فَبَعَثَ إلى بخمسمائة ألف درهم وبطعام يفرقه في الناس، وأمر ونهى وعزل وولى، وَقَطَعَ وَوَصَلَ، وَفَرِحَ بِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا (٢) .

ثُمَّ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ بْنَ بُوَيْهِ قَدْ أَقْبَلَ فِي الْجُيُوشِ قَاصِدًا بَغْدَادَ، فَاخْتَفَى ابْنُ شِيرَزَادَ وَالْخَلِيفَةُ أَيْضًا، وَخَرَجَ إليه الأتراك قاصدين الْمَوْصِلِ لِيَكُونُوا مَعَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ.

أَوَّلِ دَوْلَةِ بَنِي بُوَيْهِ وَحُكْمِهِمْ بِبَغْدَادَ أَقْبَلَ معز الدولة أحمد بن الحسن بن بويه في جحافل عظيمة من الجيوش قاصداً بغداد، فلما اقترب منها بَعَثَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ الْهَدَايَا وَالْإِنْزَالَاتِ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: أَخْبِرْهُ أَنِّي مَسْرُورٌ بِهِ، وَأَنِّي إِنَّمَا اخْتَفَيْتُ مِنْ شَرِّ الْأَتْرَاكِ الَّذِينَ انْصَرَفُوا إِلَى الْمَوْصِلِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ وَالتُّحَفِ، وَدَخَلَ معز الدولة بَغْدَادَ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَنَزَلَ بِبَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ، وَدَخَلَ مِنَ الْغَدِ إِلَى الْخَلِيفَةِ فَبَايَعَهُ (٣) ، ودخل عَلَيْهِ الْمُسْتَكْفِي وَلَقَّبَهُ بِمُعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَلَقَّبَ أَخَاهُ أبا الحسن بِعِمَادِ الدَّوْلَةِ، وَأَخَاهُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بِرُكْنِ الدَّوْلَةِ، وَكَتَبَ أَلْقَابَهُمْ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ.

وَنَزَلَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بِدَارِ مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ، وَنَزَلَ أَصْحَابُهُ من الديلم بدور الناس، فلقي الناس منهم ضائقة شَدِيدَةً، وَأَمَّنَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ ابْنَ شِيرَزَادَ، فَلَمَّا ظَهَرَ اسْتَكْتَبَهُ عَلَى الْخَرَاجِ، وَرَتَّبَ لِلْخَلِيفَةِ بِسَبَبِ نفقاته خمسة آلاف درهم فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَاسْتَقَرَّتِ الْأُمُورُ عَلَى هَذَا النظام والله أعلم.

القبض على الخليفة المستكفي بالله وَخَلْعِهِ لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ (٤) حَضَرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى الْحَضْرَةِ فجلس على


(١) في الكامل ٨ / ٤٤٨: وتسعة عشر يوماً.
وفي العبر لابن خلدون ٣ / ٤١٩: ست سنين وخمسة أشهر.
(٢) في مختصر تاريخ البشر ٢ / ٩٤: وأياما.
(٣) قال الصولي في أخبار الراضي والمتقي ص ٢٦٣: ان الخليفة المتقي كتب لبني بويه يدعوهم لدخول بغداد اثناء نزاعه مع تورون.
ولهذا كان ابن بويه يعرض هذا الكتاب على الناس ببغداد ليكسب تأييدهم ويضفي على حكمه ببغداد صفة شرعية.
(٤) في مروج الذهب ٤ / ٤٢١: لسبع بقين من شعبان.
وفي المنتظم ٦ / ٣٤٣: في يوم الخميس لثلاث بقين من جمادى الآخرة.
وفي العقد الفريد: خلع في شعبان.
وفي العبر لابن خلدون ٣ / ٤٢١: في جمادى الآخرة.
وفي مختصر تاريخ البشر ٢ / ٩٤: لثمان بقين من جمادى الآخرة (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>