للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ وَأَمِنُوا إِلَيْهِمْ فَنَهَضُوا إِلَيْهِمْ وأخذوا الدَّيْلَمَ عَلَى غِرَّةٍ فَقَاتَلَهُمْ رُكْنُ الدَّوْلَةِ فَظَفِرَ بهم لأن البغي له مصرع وخيم وَهَرَبَ أَكْثَرُهُمْ.

وَفِيهَا خَرَجَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى وَاسِطٍ لِقِتَالِ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ حين تفاقم الحال بشأنه، واشتهر أمره في تلك النواحي، فَقَوِيَ الْمَرَضُ بِمُعِزِّ الدَّوْلَةِ فَاسْتَنَابَ عَلَى الْحَرْبِ وَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ فَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي السَّنَةِ الآتية كما سنذكره - إلى حيث ألقت.

وَفِيهَا قَوِيَ أَمْرُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّاعِي بِبِلَادِ الدَّيْلَمِ وَأَظْهَرَ النُّسُكَ وَالْعِبَادَةَ، وَلَبِسَ الصُّوفَ وَكَتَبَ إِلَى الْآفَاقِ حَتَّى إِلَى بَغْدَادَ يدعو إلى الجهاد في سبيل الله لمن (١) سَبَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٣) .

وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ نُودِيَ بِرَفْعِ الْمَوَارِيثِ الْحَشْرِيَّةِ وأن ترد إلى ذوي الأرحام.

وفيها وقع الْفِدَاءُ بَيْنَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ وَبَيْنَ الرُّومِ فَاسْتَنْقَذَ مِنْهُمْ أُسَارَى كَثِيرَةً، مِنْهُمُ ابْنُ عَمِّهِ أَبُو فِرَاسِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ حِصْنٍ الْقَاضِيَ، وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا (٢) .

وَفِيهَا ابْتَدَأَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ فِي بِنَاءِ مَارَسْتَانٍ وَأَرْصَدَ لَهُ أَوْقَافًا جَزِيلَةً.

وَفِيهَا قَطَعَتْ بَنُو سُلَيْمٍ السَّابِلَةَ عَلَى الْحَجِيجِ مِنْ أَهْلِ الشَّام وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ،

وَأَخَذُوا مِنْهُمْ عِشْرِينَ ألف جمل بِأَحْمَالِهَا، وَكَانَ عَلَيْهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْتِعَةِ مَا لا يقدر كَثْرَةً، وَكَانَ لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْخَوَاتِيمِيِّ قَاضِي طَرَسُوسَ مِائَةُ أَلْفِ دِينَارٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ عَيْنًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّحَوُّلَ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ إِلَى الْعِرَاقِ بَعْدَ الْحَجِّ، وَكَذَلِكَ أراد كثير من الناس، وحين أخذوا جمالهم تركوهم على يرد الديار لا شئ لهم، فقل منهم من سلم والأكثر عَطِبَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَحَجَّ بِالنَّاسِ الشريف أبو أحمد نقيب الطالبيين من جهة العراق.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ ...

الْحَسَنُ بْنُ داود ابن عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بن الحسن بن زيد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ الْحَسَنِيُّ.

قَالَ الْحَاكِمُ: أبو عبد الله كَانَ شَيْخَ آلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عصره بخراسان وسيد العلوم فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ صَلَاةً وَصَدَقَةً وَمَحَبَّةً لِلصَّحَابَةِ، وَصَحِبْتُهُ مُدَّةً فَمَا سَمِعْتُهُ ذكر عثمان إلا قال: الشهيد، ويبكي.

وَمَا سَمِعْتُهُ ذَكَرَ عَائِشَةَ إِلَّا قَالَ: الصدِّيقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله، ويبكي.

وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَطَبَقَتِهِ، وَكَانَ آبَاؤُهُ بِخُرَاسَانَ وَفِي سَائِرِ بُلْدَانِهِمْ سَادَاتٍ نجباء حيث كانوا:


(١ - ١) سقطت من ابن الاثير.
(٢) قال ابن الوردي ١ / ٤٣٦:..ولما لم يبق معه (أي مع سيف الدولة) من أسرى الروم أحد اشترى الباقين (ما بقي من أسارى المسلمين) كل نفس باثنين وسبعين دينار حتى نفذ ما معه من المال فاشترى الباقين ورهن عليهم بدنته الجوهر المعدومة المثل.
وقال الذهبي في تاريخ الاسلام: أنفق في سنة وثلاثة أشهر نيفا وعشرين ألف ألف درهم ومائتين وستين ألف دينار وتم الفداء في رجب.
فخلص من الاسر ما بين أمير إلى راجل ثلاثة آلاف ومئتان وسبعون نفسا (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>