للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا الْقَلِيلُ، وَفَرَّ ابْنُ مَزْيَدٍ فِي نَاسٍ قليل إلى البطيحة، ومعه أَوْلَادُ الْبَسَاسِيرِيِّ وَأُمُّهُمْ، وَقَدْ سَلَبَتْهُمُ الْأَعْرَابُ فَلَمْ يتركوا لهم شيئاً.

ثُمَّ اسْتُؤْمِنَ لِابْنِ مَزْيَدٍ مِنَ السُّلْطَانِ وَدَخَلَ معه بغداد، وقد نهبت العساكر مَا بَيْنَ وَاسِطٍ وَالْبَصْرَةِ وَالْأَهْوَازِ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ الجيش وانتشاره وكثافته.

وأما الخليفة فإنه حين عَادَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ جَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنَامَ عَلَى وِطَاءٍ وَلَا يَأْتِيَهُ أحد بطعام إِذَا كَانَ صَائِمًا، وَلَا يَخْدِمُهُ فِي وُضُوئِهِ وغسله أحد، بل يتولى ذلك كله بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَعَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يُؤْذِيَ أحداً ممن آذاه، وأن يصفح عن من ظلمه، وقال: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ فِيهِ.

وَفِيهَا تَوَلَّى الْمَلِكُ ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق بلاد حران بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ، بِتَقْرِيرِ عَمِّهِ طُغْرُلْبَكَ، وَكَانَ له من الأخوة سليمان وقاروت بك، وياقوتي، فتزوج طغرلبك بأم سليمان.

وفيها كان بمكة رخص لم يسمع بمثله، بيع التمر والبر كُلُّ مِائَتَيْ رِطْلٍ بِدِينَارٍ.

وَلَمْ يَحُجَّ أَحَدٌ من أهل العراق فيها.

ترجمة أَرْسَلَانُ أَبُو الْحَارِسِ (١) الْبَسَاسِيرِيُّ التُّرْكِيُّ كَانَ مِنْ مماليك بهاء الدَّوْلَةِ، وَكَانَ أَوَّلًا مَمْلُوكًا لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَدِينَةِ بَسَا (٢) ، فَنُسِبَ إِلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ الْبَسَاسِيرِيُّ، وتلقب بالملك المظفر، ثُمَّ كَانَ مُقَدَّمًا كَبِيرًا عِنْدَ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى مَنَابِرِ الْعِرَاقِ كُلِّهَا، ثُمَّ طَغَى وبغى وتمرد، وعتا وخرج على الخليفة والمسلمين ودعا إلى خلافة الفاطميين، ثم انقضى أجله في هذه السنة، وكان دخوله إلى بغداد بأهله فِي سَادِسِ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ وأربعمائة، ثم اتفق خروجهم منها فِي سَادِسِ ذِي الْقَعْدَةِ أَيْضًا مِنْ سَنَةِ إحدى وخمسين، بعد سنة كَامِلَةٍ، ثُمَّ كَانَ خُرُوجُ الْخَلِيفَةِ مِنْ بَغْدَادَ في يوم الثلاثاء الثاني عَشَرَ مِنْ كَانُونَ الْأَوَّلِ، وَاتَّفَقَ قَتْلُ الْبَسَاسِيرِيِّ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ كَانُونَ الْأَوَّلِ، بَعْدَ سَنَةٍ شَمْسِيَّةٍ، وَذَلِكَ فِي ذِي الحجة منها.

الحسن بن الفضل (٣) أبو علي الشرمقاني المؤدب المقري الحافظ للقرآن والقراءات، واختلافها، كان ضيق الحال


(١) في الكامل ٩ / ٦٥٠ ووفيات الاعيان ١ / ١٩٢ والوافي ٨ / ٣٤٠ والمنتظم ٨ / ٢٠١: أبو الحارث.
(٢) والعرب يقولون فسا والنسبة إليها فسوي (العبر ٣ / ٤٦٥ ووفيات الاعيان ١ / ١٩٣) .
وفي الكامل ٩ / ٦٥٠: فساوى، فقال العرب: فساسيري بدل بساسيري، والنسبة شاذة على غير القياس.
(٣) في الوافي ١٢ / ٢٠٢، الحسن بن أبي الفضل وانظر ترجمته في تاريخ بغداد ٧ / ٤٠٢ المنتظم ٨ / ٢١٢ غاية النهاية ١ / ٢٢٧.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>