للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن عبيد الله بن الحسن ابن الْحُسَيْنِ، أَبُو الْفَرَجِ الْبَصْرِيُّ قَاضِيهَا، سَمِعَ أَبَا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيَّ وَالْمَاوَرْدِيَّ وَغَيْرَهُمَا وَرَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ عَابِدًا خَاشِعًا عِنْدَ الذِّكْرِ.

مُهَارِشُ بن مجلي أمير العرب بحديثة عانة، وَهُوَ الَّذِي أُودِعَ عِنْدَهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ، حين كانت فتنة البساسيري، فَأَكْرَمَ الْخَلِيفَةَ حِينَ وَرَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَازَاهُ الخليفة الْجَزَاءَ الْأَوْفَى، وَكَانَ الْأَمِيرُ مُهَارِشٌ هَذَا كَثِيرَ الصدقة والصلاة، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانِينَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خمسمائة من الهجرة

قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حدَّثني مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَنْ يُعْجِزَ اللَّهُ هَذِهِ الأمَّة مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ " (١) .

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حدَّثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ: حدَّثني صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قَالَ: " إنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يُعْجِزَ أُمَّتِي عِنْدَ رَبِّهَا أَنْ يُؤَخِّرَهَا نِصْفَ يَوْمٍ.

قِيلَ لِسَعْدٍ: وَكَمْ نِصْفُ يَوْمٍ؟ قَالَ: خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ " (٢) .

وَهَذَا مِنْ دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ.

وَذِكْرُ هَذِهِ المدَّة لَا يَنْفِي زيادة عليها، كما هو الواقع، لأنه عليه السلام ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعة لَا بدَّ مِنْ وُقُوعِهَا كَمَا أَخْبَرَ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.

وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِيمَا بَعْدَ زَمَانِنَا، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.

وَمِمَّا وَقَعَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْحَوَادِثِ أَنَّ السُّلْطَانَ مُحَمَّدَ بْنَ مَلِكْشَاهْ حَاصَرَ قِلَاعًا كَثِيرَةً مِنْ حُصُونِ الْبَاطِنِيَّةِ، فَافْتَتَحَ مِنْهَا أَمَاكِنَ كَثِيرَةً، وقتل خلقاً منهم، منها قَلْعَةً حَصِينَةً كَانَ أَبُوهُ قَدْ بَنَاهَا بِالْقُرْبِ مِنْ أَصْبَهَانَ (٣) ، فِي رَأْسِ جَبَلٍ مَنِيعٍ هُنَاكَ، وَكَانَ سَبَبُ بِنَائِهِ لَهَا أَنَّهُ كَانَ مَرَّةً فِي بَعْضِ صُيُودِهِ فَهَرَبَ مِنْهُ كَلْبٌ فَاتَّبَعَهُ إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ فَوَجَدَهُ، وَكَانَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ رُسُلِ الرُّومِ، فَقَالَ الرُّومِيُّ: لَوْ كَانَ هَذَا الْجَبَلُ بِبِلَادِنَا لَاتَّخَذْنَا عَلَيْهِ قَلْعَةً، فَحَدَا هَذَا الْكَلَامُ السُّلْطَانَ إِلَى أَنِ ابْتَنَى فِي رَأْسِهِ قَلْعَةً أَنْفَقَ عَلَيْهَا أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ، ومائتي ألف دينار، ثم استحوذ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ يُقَالُ له


(١) أخرجه أبو داود في السنن - كتاب الملاحم - باب (١٨) .
(٢) أخرجه أبو داود في الملاحم باب (١٨) .
وأحمد في المسند: ١ / ١٧٠، ٤ / ١٩٣.
(٣) وهي قلعة: شاه دز، وكان صاحبها أحمد بن عبد الملك بن عطاش.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>