للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن محمد بن الحسين ابن الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى بْنِ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيُّ، وُلِدَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، سَمِعَ أَبَاهُ وَغَيْرَهُ، وَتَفَقَّهَ وَنَاظَرَ وَأَفْتَى وَدَرَّسَ، وَكَانَ لَهُ بَيْتٌ فِيهِ مَالٌ فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ فَقُتِلَ وَأُخِذَ مَالُهُ، ثُمَّ أَظْهَرَ اللَّهُ عزوجل عَلَى قَاتِلِهِ فَقَتَلُوهُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وعشرين وخمسمائة فِي صَفَرٍ مِنْهَا دَخَلَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ إِلَى بغداد فخطب له بها وخلع عليه الخليفة وولاه السلطنة ونثر الدنانير والدراهم على الناس، وخلع على السلطان دَاوُدَ بْنِ مَحْمُودٍ.

وَفِيهَا جَمَعَ دُبَيْسٌ جَمْعًا كثيراً بواسط، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ جَيْشًا فَكَسَرُوهُ وَفَرَّقُوا شَمْلَهُ، ثُمَّ إِنَّ الْخَلِيفَةَ عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَى الموصل ليأخذها من زنكي، فعرض عليه زنكي من الأموال وَالتُّحَفِ شَيْئًا كَثِيرًا لِيَرْجِعَ عَنْهُ فَلَمْ يَقْبَلْ، ثم بلغه أن السلطان مسعود قَدِ اصْطَلَحَ مَعَ دُبَيْسٍ وَخَلَعَ عَلَيْهِ، فَكَرَّ رَاجِعًا سَرِيعًا إِلَى بَغْدَادَ سَالِمًا مُعَظَّمًا.

وَفِيهَا مَاتَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَنَابِلَةِ، فَطَلَبَ حَلْقَتَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَكَانَ شَابًّا، فَحَصَلَتْ لِغَيْرِهِ، وَلَكِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَزِيرُ أَنُوشِرْوَانَ فِي الْوَعْظِ، فتكلم في هذه السنة على النَّاس في أماكن مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ بَغْدَادَ، وَكَثُرَتْ مَجَالِسُهُ وَازْدَحَمَ عَلَيْهِ النَّاسُ.

وَفِيهَا مَلَكَ شَمْسُ الْمُلُوكِ إِسْمَاعِيلُ صَاحِبُ

دِمَشْقَ مَدِينَةَ حَمَاةَ، وَكَانَتْ بِيَدِ زَنْكِي.

وَفِي ذي الحجة نهب التركمان مدينة طرابلس وخرج إليهم القومص لعنه الله الفرنجي فهزموه وقتلوا خلقاً من أصحابه، وحاصروه فيها مُدَّةً طَوِيلَةً، حَتَّى طَالَ الْحِصَارُ، فَانْصَرَفُوا.

وَفِيهَا تولي قاسم بن أبي فليتة مكة بَعْدَ أَبِيهِ.

وَفِيهَا قَتَلَ شَمْسُ الْمُلُوكِ أَخَاهُ سونج، وفيها اشترى الباطنية قلعة حصن القدموس بالشام فسكنوها وَحَارَبُوا مَنْ جَاوَرَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْفِرِنْجِ.

وَفِيهَا اقْتَتَلَتِ الْفِرِنْجُ فِيمَا بَيْنَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا فَمَحَقَ الله بسبب ذلك خلقاً كثيراً، وغزاهم فيها عِمَادُ الدِّينِ زَنْكِي فَقَتَلَ مِنْهُمْ أَلْفَ قَتِيلٍ، وغنم أموالا جزيلة، ويقال لها غزوة أسوار.

وحج بالناس فيها قطز الخادم وكذا في التي بعدها وقبلها.

وتوفي فيها من الأعيان..أحمد بن سلامة ابن عبد اللَّهِ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الرُّطَبِيِّ، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنِ الصَّبَّاغِ بِبَغْدَادَ، وَبِأَصْبَهَانَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الخجندي، ثم تولى الْحُكْمَ بِبَغْدَادَ بِالْحَرِيمِ وَالْحِسْبَةَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ يُؤَدِّبُ أولاد الخليفة، توفي في رجب منها ودفن عند أبي إسحاق.

(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>