للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد المنعم بن عبد الكريم ابن هَوَازِنَ، أَبُو الْمُظَفَّرِ الْقُشَيْرِيُّ، آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ، سَمِعَ أَبَاهُ وَأَبَا بَكْرٍ الْبَيْهَقِيَّ وَغَيْرَهُمَا، وَسَمِعَ مِنْهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ، وَأَجَازَ ابْنَ الْجَوْزِيِّ، وَقَارَبَ التِّسْعِينَ.

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ابن محمد بن عمر، أبو الحسن الكرخي (١) ، سَمِعَ الْكَثِيرَ فِي بِلَادٍ شَتَّى، وَكَانَ فَقِيهًا مفتياً، تفقه بأبي إسحاق وغيره من الشافعية، وكان شَاعِرًا فَصِيحًا، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الْفُصُولُ فِي اعْتِقَادِ الْأَئِمَّةِ الْفُحُولِ، يَذْكُرُ فِيهِ مَذَاهِبَ السَّلَفِ فِي بَابِ الِاعْتِقَادِ، وَيَحْكِي فِيهِ أَشْيَاءَ غَرِيبَةً حَسَنَةً، وَلَهُ تَفْسِيرٌ وَكِتَابٌ فِي الْفِقْهِ، وَكَانَ لَا يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ، وَيَقُولُ: لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ، وَقَدْ كَانَ إِمَامُنَا الشافعي يقول: إذا صح الحديث فهو مذهبي، واضربوا بقولي الْحَائِطَ.

وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الصُّورَةِ جَمِيلَ الْمُعَاشَرَةِ، ومن شعره قوله: تَنَاءَتْ دَارُهُ عَنِّي وَلَكِنْ * خَيَالُ جَمَالِهِ فِي الْقَلْبِ سَاكِنْ إِذَا امْتَلَأَ الْفُؤَادُ بِهِ فَمَاذَا * يضر إذا خلت منه الأماكن توفى وقد قارب التسعين (٢) .

الخليفة الراشد منصور بن المسترشد، قتل بأصبهان بَعْدَ مَرَضٍ أَصَابَهُ، فَقِيلَ إِنَّهُ سُمَّ، وَقِيلَ قَتَلَتْهُ الْبَاطِنِيَّةُ، وَقِيلَ قَتَلَهُ الْفَرَّاشُونَ الَّذِينَ كَانُوا يَلُونَ أَمْرَهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصُّولِيِّ أَنَّهُ قَالَ: النَّاسُ يَقُولُونَ كُلُّ سَادِسٍ يَقُومُ بِأَمْرِ النَّاسِ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لَا بدَّ أَنْ يُخْلَعَ (٣) .

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَتَأَمَّلْتُ ذَلِكَ فَرَأَيْتُهُ عَجَبًا قيام رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ علي ثم الحسن فخلعه معاوية ثمَّ يزيد وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ وَمَرْوَانُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَخُلِعَ وَقُتِلَ (٤) ، ثُمَّ الْوَلِيدُ ثمَّ سُلَيْمَانُ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ عبد العزيز ثمَّ يزيد ثمَّ هشام ثمَّ الوليد بن يزيد فخلع


(١) في تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٧٧ الكرجي وضبطها في شذارت الذهب ٤ / ١٠٠ الكرجي بكاف وراء مفتوحتين وبالجيم.
(٢) في الكامل ١١ / ٦٦: مولده سنة ٤٥٨ هـ فيكون عمره عند وفاته ٧٤ سنة (انظر شذرات الذهب) .
(٣) زيد في رواية ابن الاثير عن الصولي: وربما قتل.
(٤) قال ابن الأثير: وفي هذا - أي في قول الصولي - نظر لان البيعة لابن الزبير كانت قبل البيعة لعبد الملك وكونه جعله بعده لا وجه له.
والصولي إنما ذكر إلى أيام المقتدر بالله ومن بعده ذكره غيره.
(١١ / ٦٣) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>