للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْرَافُ بَنِي الْعَبَّاسِ، ثُمَّ الْوَزِيرُ وَالْقُضَاةُ وَالْعُلَمَاءُ وَالْأُمَرَاءُ وَعُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَكَانَ

رَجُلًا صَالِحًا، وَكَانَ وَلِيَّ عَهْدِ أَبِيهِ مِنْ مُدَّةٍ مُتَطَاوِلَةٍ، ثُمَّ عَمِلَ عَزَاءَ أَبِيهِ، وَلَمَّا ذكر اسمه يوم الجمعة في الخطبة نُثِرَتِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ عَلَى النَّاسِ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ بَعْدَ أَبِيهِ، وَأَقَرَّ الْوَزِيرَ ابْنَ هُبَيْرَةَ عَلَى مَنْصِبِهِ وَوَعَدَهُ بِذَلِكَ إِلَى الْمَمَاتِ، وَعَزَلَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ ابْنَ الدَّامَغَانِيِّ وَوَلَّى مَكَانَهُ أَبَا جعفر بن عبد الواحد، وكان شيخاً كبيراً، له سماعا بالحديث، وباشر الحكم بالكوفة، ثم توفي في ذي الحجة منها.

وَفِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ اتَّفَقَ الْأَتْرَاكُ بباب همذان على سليمان شاه، وخطبوا لأرسلان شاه بن طغرل، وفيها توفي.

الفائز خليفة مصر الفاطمي وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عِيسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الظَّافِرُ، توفي في صفر منها وَعُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَمُدَّةُ وِلَايَتِهِ مِنْ ذَلِكَ سِتُّ سِنِينَ وَشَهْرَانِ، وَكَانَ مُدَبِّرَ دَوْلَتِهِ أَبُو الْغَارَاتِ.

ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ الْعَاضِدُ آخِرُ خُلَفَائِهِمْ، وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْحَافِظِ، وَلَمْ يَكُنْ أَبُوهُ خَلِيفَةً، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ، فَقَامَ بِتَدْبِيرِ مَمْلَكَتِهِ الْمَلِكُ الصَّالِحُ طَلَائِعُ بْنُ رُزِّيكَ الْوَزِيرُ، أَخَذَ لَهُ الْبَيْعَةَ وَزَوَّجَهُ بِابْنَتِهِ، وَجَهَّزَهَا بجهاز عظيم يعجز عنه الوصف، وَقَدْ عُمِّرَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا الْعَاضِدِ وَرَأَتْ زَوَالَ دَوْلَةِ الْفَاطِمِيِّينَ عَلَى يَدِ الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ بن يوسف، في سنة أربع وستين كما سيأتي.

وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ السُّلْطَانِ الْكَبِيرِ صَاحِبِ غَزْنَةَ.

خسروشاه بن ملكشاه ابن بَهْرَامْ شَاهْ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتُكِينَ، مِنْ بَيْتِ مُلْكٍ وَرِيَاسَةٍ بَاذِخَةٍ، يَرِثُونَهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ الْمُلُوكِ وَأَحْسَنِهِمْ سِيرَةً، يُحِبُّ الْعِلْمَ وَأَهْلَهُ، توفي في رجب منها، وقام بَعْدِهِ وَلَدُهُ مَلِكْشَاهْ، فَسَارَ إِلَيْهِ عَلَاءُ الدِّينِ الحسين بن الغوري فحاصر غزنة فلم يقدر عليها، ورجع خَائِبًا.

وَفِيهَا مَاتَ: مَلِكْشَاهْ بْنُ السُّلْطَانِ مَحْمُودِ بن محمد بن ملكشاه السلجوقي بأصبهان مسموماً، فيقال إِنَّ الْوَزِيرَ عَوْنَ الدِّينِ بْنَ هُبَيْرَةَ دَسَّ إِلَيْهِ مَنْ سَقَاهُ إِيَّاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِيهَا مات أمير الحاج قيماز بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُرْجُوَانِيُّ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ وَهُوَ يَلْعَبُ بِالْكُرَةِ بِمَيْدَانِ الْخَلِيفَةِ، فَسَالَ دِمَاغُهُ من أذنه فمات من ساعته، وَقَدْ كَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ، فَتَأَسَّفَ النَّاسُ عليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>