للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشيبك قد محى صنع (١) الشَّبَابِ * وَحَلَّ الْبَازُ فِي وَكْرِ الْغُرَابِ تَنَامُ ومقلة الحدثان يقظى * وما ناب النوائب عنك ناب وكيف نفاد عمرك وهو كنز * وقد أنفقت منه بلا حساب وله (٢) : كَمْ ذَا يُرِينَا الدَّهْرُ مِنْ أَحْدَاثِهِ * عِبَرًا وَفِينَا الصَّدُّ وَالْإِعْرَاضُ نَنْسَى الْمَمَاتَ وَلَيْسَ يَجْرِي ذِكْرُهُ * فِينَا فَتُذْكِرُنَا بِهِ الْأَمْرَاضُ وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ (٣) : أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَدُومَ لَنَا الدَّهْرُ * وَيَخْدِمُنَا فِي مُلْكِنَا الْعِزُّ وَالنَّصْرُ عَلِمْنَا بِأَنَّ الْمَالَ تَفْنَى أُلُوفُهُ * وَيَبْقَى لَنَا مِنْ بَعْدِهِ الْأَجْرُ وَالذِّكْرُ خَلَطْنَا النَّدَى بِالْبَأْسِ حَتَّى كَأَنَّنَا * سَحَابٌ لَدَيْهِ الْبَرْقُ وَالرَّعْدُ وَالْقَطْرُ

وَلَهُ أَيْضًا وَهُوَ مِمَّا نَظَمَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثِ لَيَالٍ: [نَحْنُ فِي غَفْلَةٍ وَنَوْمٍ وَلِلْمَوْ * تِ عُيُونٌ يَقْظَانَةٌ لَا تَنَامُ] قَدْ رَحَلْنَا إِلَى الْحِمَامِ سِنِينًا * لَيْتَ شِعْرِي مَتَى يَكُونُ الْحِمَامُ؟ ثُمَّ قَتَلَهُ غِلْمَانُ الْعَاضِدِ فِي النَّهَارِ غِيلَةً وَلَهُ إِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَةً، وَخَلَعَ عَلَى ولده العادل بالوزارة ورثاه عمارة التميمي بقصائد حسان، ولما نُقِلَ إِلَى تُرْبَتِهِ بِالْقَرَافَةِ سَارَ الْعَاضِدُ مَعَهُ حتى وصل إلى قبره فدفنه في التابوت.

قال ابن خلكان: فعمل الفقيه عمارة في التابوت قصيدة فجار فيها في قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ تَابُوتُ مُوسى أُودِعَتْ * فِي جَانِبَيْهِ سكينة ووقار وفيها كانت وقعة عظيمة بين بني خفاجة وأهل الكوفة، فقتلوا من أهل الكوفة خَلْقًا، مِنْهُمُ الْأَمِيرُ قَيْصَرُ وَجَرَحُوا أَمِيرَ الْحَاجِّ برغش جِرَاحَاتٍ، فَنَهَضَ إِلَيْهِمْ وَزِيرُ الْخِلَافَةِ عَوْنُ الدِّينِ بن هبيرة، فتبعهم حتى أوغل خلفهم في البرية في جيش كثيف، فَبَعَثُوا يَطْلُبُونَ الْعَفْوَ.

وَفِيهَا وَلِيَ مَكَّةَ الشَّرِيفُ عِيسَى بْنُ قَاسِمِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، وَقِيلَ قاسم بن أبي فليتة بن القاسم بن أبي هاشم.

وفيها أمر الخليفة بِإِزَالَةِ الدَّكَاكِينِ الَّتِي تُضَيِّقُ الطُّرُقَاتِ، وَأَنْ لَا يجلس أحد من الباعة في عرض الطريق، لِئَلَّا يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْمَارَّةِ.

وَفِيهَا وَقَعَ رُخْصٌ عظيم ببغداد جداً.

وفيها فتحت المدرسة التهي بناها ابن الشمحل في


(١) في الديوان وابن خلكان ٢ / ٥٢٧: نضا صبغ الشباب.
(٢) ديوانه ص ٨٤.
(٣) الابيات في تاريخ ابن الاثير ١١ / ٢٧٥.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>