للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُخَرَ.

فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ تَلَقَّاهُ صَاحِبُهَا سَالِمٌ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ مَفَاتِيحَهَا وَخَدَمَهُ خِدْمَةً تَامَّةً، وَأَمَّا صَاحِبُ مَكَّةَ قَتَادَةُ فَلَمْ يَرْفَعْ بِهِ رَأْسًا، وَلِهَذَا لَمَّا قَضَى نُسُكَهُ، وَكَانَ قَارِنًا، وَأَنْفَقَ فِي الْمُجَاوِرِينَ مَا حَمَلَهُ إِلَيْهِمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَكَرَّ رَاجِعًا اسْتَصْحَبَ مَعَهُ سَالِمًا صَاحِبَ المدينة وتشكى إِلَى أَبِيهِ عِنْدَ رَأْسِ الْمَاءِ مَا لَقِيَهُ مِنْ صَاحِبِ مَكَّةَ، فَأَرْسَلَ الْعَادِلُ، مَعَ سَالِمٍ جيشاً يطردون صاحب مكة، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهَا هَرَبَ مِنْهُمْ فِي الْأَوْدِيَةِ والجبال والبراري، وقد أثر المعظم في حجته هذه آثاراً حسنة بطريق الحجاز أثابه الله.

وبها تعامل أهل دمشق في القراطيس السود العادلية ثم بطلت بعد ذلك ودفنت.

وفيها مات صاحب اليمن وتولاها سُلَيْمَانُ بْنُ شَاهِنْشَاهِ بْنِ تَقِيِّ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ شَاهِنْشَاهِ بْنِ أَيُّوبَ بِاتِّفَاقِ

الْأُمَرَاءِ عَلَيْهِ، فأرسل العادل إلى ولده الكامل أن يرسل إليها ولده أضسيس، فأرسله فتملكها فظلم بها وفتك وغشم، وَقَتَلَ مِنَ الْأَشْرَافِ نَحْوًا مِنْ ثَمَانِمِائَةٍ، وَأَمَّا من عَدَاهُمْ فَكَثِيرٌ، وَكَانَ مِنْ أَفْجَرِ الْمُلُوكِ وَأَكْثَرِهِمْ فِسْقًا وَأَقَلِّهِمْ حَيَاءً وَدِينًا، وَقَدْ ذَكَرُوا عَنْهُ مَا تَقْشَعِرُّ مِنْهُ الْأَبْدَانُ وَتُنْكِرُهُ الْقُلُوبُ، نَسْأَلُ الله العافية وفيها توفي من الأعيان: إبراهيم بن علي ابن مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرُوسٍ الْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ، أَفْتَى وَنَاظَرَ وَعَدَّلَ عِنْدَ الْحُكَّامِ، ثُمَّ انْسَلَخَ مِنْ هَذَا كله وصار شرطياً بباب النوى يَضْرِبُ النَّاسَ وَيُؤْذِيهِمْ غَايَةَ الْأَذَى، ثُمَّ بَعْدَ ذلك ضُرِبَ إِلَى أَنْ مَاتَ وَأُلْقِيَ فِي دِجْلَةَ وَفَرِحَ النَّاسُ بِمَوْتِهِ، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ رَجُلًا صَالِحًا.

الرُّكْنُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ابن الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ، كَانَ أَبُوهُ صَالِحًا وَكَانَ هُوَ مُتَّهَمًا بِالْفَلْسَفَةِ وَمُخَاطَبَةِ النُّجُومِ، وَوُجِدَ عِنْدَهُ كُتُبٌ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ وَلِيَ عِدَّةَ وِلَايَاتٍ، وفيه وفي أمثاله يقال: نِعْمَ الْجُدُودُ وَلَكِنْ بِئْسَ مَا نَسَلُوا.

رَأَى عَلَيْهِ أَبُوهُ يَوْمًا ثَوْبًا بُخَارِيًّا فَقَالَ: سَمِعْنَا بالبخاري ومسلم، وأما بخاري وكافر فهذا شئ عجيب، وقد كان مُصَاحِبًا لِأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَكَانَ الْآخَرُ مُدَبِّرًا فَاسِقًا، وَكَانَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى الشَّرَابِ وَالْمُرْدَانِ قَبَّحَهُمَا اللَّهُ.

أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْبَزَّارُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْأَخْضَرِ الْبَغْدَادِيُّ الْمُحَدِّثُ الْمُكْثِرُ الْحَافِظُ الْمُصَنِّفُ الْمُحَرِّرُ، لَهُ كُتُبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>