للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَاضِي الْقُضَاةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ خَلَفِ بْنِ بَدْرِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ الشَّافِعِيُّ، كَانَ دَيِّنًا عَفِيفًا نَزِهًا لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَلَا يَقْبَلُ شَفَاعَةَ أَحَدٍ، وَجُمِعَ لَهُ قَضَاءُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بكمالها، والخطابة، والحسبة ومشيخة الشيوخ، ونظر الأجياش، وتدريس الشَّافِعِيِّ وَالصَّالِحِيَّةِ وَإِمَامَةُ الْجَامِعِ، وَكَانَ بِيَدِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ (١) وَظِيفَةً، وَبَاشَرَ الْوِزَارَةَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وكان السلطان يعظمه، والوزير ابن حنا يَخَافُ مِنْهُ كَثِيرًا، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَنْكُبَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَيَضَعَهُ فَلَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَأْتِيَ دَارَهُ وَلَوْ عَائِدًا، فَمَرِضَ في بعض الأحيان فجاء القاضي عائداً، فقام إلى تلقيه لوسط الدَّارِ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: إِنَّمَا جِئْنَا لِعِيَادَتِكَ فَإِذَا أَنْتَ سَوِيٌّ صَحِيحٌ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدَهُ.

وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَتَوَلَّى بَعْدَهُ الْقَضَاءَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ رَزِينٍ (٢) .

وَاقِفُ الْقَيْمُرِيَّةِ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ نَاصِرُ الدِّين أبو المعالي الحسين بن العزيز بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ الْقُيَمْرِيُّ الْكُرْدِيُّ، كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمَرَاءِ مَكَانَةً عِنْدَ الْمُلُوكِ، وَهُوَ الَّذِي سَلَّمَ الشَّامَ إِلَى الْمَلِكِ النَّاصِرِ صَاحِبِ حَلَبَ، حِينَ قُتِلَ تُورَانْ شَاهِ بْنُ الصَّالِحِ أَيُّوبَ بمصر، وهو واقف المدرسة القيمرية عند مأذنة فَيْرُوزَ (٣) ، وَعَمِلَ عَلَى بَابِهَا السَّاعَاتِ الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إِلَى مِثْلِهَا، وَلَا عُمِلَ عَلَى شَكْلِهَا، يُقَالُ إِنَّهُ غَرِمَ عَلَيْهَا أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ (٤) .

الشَّيخ شِهَابُ الدِّين أَبُو شَامَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبَّاسٍ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَبُو القاسم المقدسي الشيخ الإمام العالم الْحَافِظُ الْمُحَدِّثُ الْفَقِيهُ الْمُؤَرِّخُ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي شَامَةَ شَيْخُ دَارِ الْحَدِيثِ

الْأَشْرَفِيَّةِ، وَمُدَرِّسُ الرُّكْنِيَّةِ، وَصَاحِبُ الْمُصَنَّفَاتِ الْعَدِيدَةِ الْمُفِيدَةِ، لَهُ اخْتِصَارُ تَارِيخِ دِمَشْقَ فِي مُجَلَّدَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَلَهُ شَرْحُ الشَّاطِبِيَّةِ، وَلَهُ الرد إلى الأمر الأول، وله في المبعث وَفِي الْإِسْرَاءِ، وَكِتَابُ الرَّوْضَتَيْنِ فِي الدَّوْلَتَيْنِ النُّورِيَّةِ وَالصَّلَاحِيَّةِ، وَلَهُ الذَّيْلُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَهُ غَيْرُ ذلك من الفوائد


(١) في الاصل: خمسة عشر، وفي بدائع الزهور: أربع عشرة من الوظائف السنية.
(٢) في بدائع الزهور: محيي الدين عبد الله بن عز الدولة.
(٣) في الوافي ١٢ / ٤٢٢: بسوق الخريميين، وفي شذرات الذهب: شرقي جامع بني أمية.
(٤) مات مرابطا بالساحل، وعمل عزاؤه بالجامع (جامع دمشق) وكان ذلك يوم الجمعة ثامن عشر ربيع الأول ٦٦٥ (الوافي ١٢ / ٤٤٢ - ذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٦٦) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>