للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الأزرقي (١) وغيره أن ذاالقرنين أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَطَافَ مَعَهُ بِالْكَعْبَةِ الْمُكَرَّمَةِ هُوَ وَإِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ حَجَّ مَاشِيًا وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا سَمِعَ بِقُدُومِهِ تَلَقَّاهُ وَدَعَا لَهُ وَرَضَّاهُ وَأَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لِذِي الْقَرْنَيْنِ السَّحَابَ (٢) يَحْمِلُهُ

حَيْثُ أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاخْتَلَفُوا فِي السَّبَبِ الَّذِي سُمِّيَ بِهِ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ فِي رَأْسِهِ شِبْهُ الْقَرْنَيْنِ.

قال وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: كَانَ لَهُ قَرْنَانِ مِنْ نُحَاسٍ فِي رَأْسِهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ مَلَكَ فَارِسَ وَالرُّومَ.

وَقِيلَ: لِأَنَّهُ بَلَغَ قَرْنَيِ الشَّمْسِ غَرْبًا وَشَرْقًا.

وَمَلَكَ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَرْضِ وَهَذَا أَشْبَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كانت له غديرتان من شعر يطافهما فَسُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ، عن عمر بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَالَ دَعَا مَلِكًا جَبَّارًا إِلَى اللَّهِ فَضَرَبَهُ عَلَى قَرْنِهِ فَكَسَرَهُ وَرَضَّهُ.

ثُمَّ دَعَاهُ فَدَقَّ قَرْنَهُ الثَّانِيَ فَكَسَرَهُ فَسُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ.

وَرَوَى الثَّوريّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ: كَانَ عَبْدًا نَاصَحَ اللَّهَ فَنَاصَحَهُ، دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ فَمَاتَ، فَأَحْيَاهُ اللَّهُ فَدَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ الْآخَرِ فَمَاتَ فَسُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ شعبة الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ بِهِ (٣) .

وَفِي بَعْضِ الرِّوايات عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَلَا رَسُولًا وَلَا مَلَكًا وَلَكِنْ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا.

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ اسمه عبد الله بن الضحاك ابن مَعْدٍ وَقِيلَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قِنانَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأزد بن عون (٤) بن نبت بن


(١) أخبار مكة ١ / ٧٤.
(٢) عن علي بن أبي طالب كما في تفسير القرطبي.
(٣) في ذي القرنين واسمه تنازع الناس وكثرت الاقوال حتى التناقض ; والخلاف فيه كثير ولا طائل تحته - قال ناس إنه من الملائكة ; ومنهم من قال نبيا ومنه من قال كان عبداً صالحاً.
إلى جانب ما ذكره ابن كثير في تسميته بذي القرنين قيل: - سمي بذي القرنين لانه انقض في وقته قرنان من الناس.
- كان على رأسه ما يشبه القرنين.
- كان لتاجه قرنان.
- عن النبي صلى الله عليه وسلم: لانه طاف قرني الدنيا يعني شرقها وغربها.
- لانه رأى حلما في المنام كأنه تعلق بطرفي الشمس وقرنيها.
- لانه دخل النور والظلمة.
- كان له صفيرتان أي قرنان.
(راجع المسعودي - تفسير الرازي - تفسير القرطبي - المعارف لابن قتيبة) .
(٤) في أنساب السمعاني: غوث.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>