للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرقطاي (١) ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى حِصَارِ الْكَرَكِ حَتَّى أَنْزَلُوا مِنْهَا صَاحِبَهَا الْمَلِكَ الْمَسْعُودَ خَضِرَ بْنَ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ، فِي مُسْتَهَلِّ صَفَرٍ، وَجَاءَتِ الْبِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى دمشق، فدقت البشائر ثلاثة أيام، وعاد طرقطاي (١) بِالْمَلِكِ خَضِرٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، كَمَا فَعَلَ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ أَبُوهُ بِالْمَلِكِ الْمُغِيثِ عُمَرَ بْنِ الْعَادِلِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ.

وَاسْتَنَابَ فِي الْكَرَكِ نَائِبًا عَنْ أَمْرِ الْمَنْصُورِ (٢) ، وَرَتَّبَ أُمُورَهَا وَأَجْلَوْا مِنْهَا خَلْقًا مِنَ الْكَرَكِيِّينَ، وَاسْتَخْدَمُوا بِقَلْعَةِ دِمَشْقَ.

وَلَمَّا اقْتَرَبَ دُخُولُ آلِ الظَّاهِرِ إِلَى الْقَاهِرَةِ تَلَقَّاهُمُ الْمَنْصُورُ فَأَكْرَمَ لُقْيَاهُمْ وَأَحْسَنَ إِلَى الْأَخَوَيْنِ نَجْمِ الدِّينِ خَضِرٍ، وَبَدْرِ الدِّينِ سَلَامُشَ، وَجَعَلَهُمَا يَرْكَبَانِ مَعَ ابْنَيْهِ عَلِيٍّ وَالْأَشْرَفِ خَلِيلٍ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمَا عُيُونًا يَرْصُدُونَ مَا يَفْعَلَانِ، وَأُنْزِلَا الدُّورَ بِالْقَلْعَةِ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِمْ مِنَ الرَّوَاتِبِ وَالنَّفَقَاتِ مَا يَكْفِيهِمْ وَزِيَادَةٌ كَثِيرَةٌ، وَكَتَبَ الْأَمِيرُ بَدْرُ الدِّينِ بَكْتُوتُ الْعَلَائِيُّ وَهُوَ مُجَرَّدٌ بِحِمْصَ إِلَى نَائِبِ دِمَشْقَ لَاجِينَ، أَنَّهُ قَدِ انْعَقَدَتْ زَوْبَعَةٌ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِ (٣) صَفَرٍ بِأَرْضِ حِمْصَ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ فِي السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الْعَمُودِ والحية والعظيمة، وجعلت تختطف الحجارة الكبار، ثم تصعد بِهَا فِي الْجَوِّ كَأَنَّهَا سِهَامُ النُّشَّابِ وَحَمَلَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْجِمَالِ بِأَحْمَالِهَا، وَالْأَثَاثِ وَالْخِيَامِ وَالدَّوَابِّ، فَفَقَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَفِي هَذَا اليوم وقع مطر عظيم في دمشق وجاء سيل كثير ولا سيما في الصالحية.

وفيها أعيد علم الدين الدويداري إلى مشد الدواوين بدمشق، والصاحب تقي الدين بن تَوْبَةُ إِلَى الْوِزَارَةِ بِدِمَشْقَ.

وَفِيهَا تَوَلَّى قَضَاءَ الْمَالِكِيَّةِ بِمِصْرَ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ أَبِي مَخْلُوفٍ البريدي عِوَضًا عَنِ الْقَاضِي تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ شَاسٍ (٤) الَّذِي تُوُفِّيَ بِهَا.

وَفِيهَا دَرَّسَ بِالْغَزَّالِيَّةِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ انْتَزَعَهَا مِنْ يَدِ شَمْسِ الدِّينِ إِمَامِ الْكَلَّاسَةِ، الَّذِي كَانَ يَنُوبُ عَنْ شمس الدين الأيكي، والأيكي شيخ سعيد السعدا، بَاشَرَهَا شَهْرًا ثُمَّ جَاءَ مَرْسُومٌ بِإِعَادَتِهَا إِلَى الأيكي، وأنه قد استناب عنه جمال

الدين الباجريقي، فباشرها الباجريقي في ثالث رجب.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ شيبان ابن تَغْلِبَ الشَّيْبَانِيُّ أَحَدُ مَشَايِخِ الْحَدِيثِ الْمُسْنِدِينَ الْمُعَمَّرِينَ بدمشق، توفي بصفر عن ثمان وثمانين سنة، ودفن بقاسيون.


(١) في السلوك ١ / ٧٣٠ وتذكرة ابن حبيب ١ / ٤٩ و ١٠٢: طرنطاي (انظر مختصر أبي الفداء ٤ / ٢٢) .
(٢) وهو الأمير عز الدين أيبك الموصلي.
(٣) في السلوك ١ / ٧٣١: رابع صفر، بناحية الغسولة وهي منزل للقوافل فيما حمص وقارا (تذكرة النبيه ١ / ١٠٢، معجم البلدان) .
(٤) من السلوك وتذكرة النبيه، وفي الاصل: برساس تحريف.
وهو حسين بن عبد الرحيم بن عبد الله بن شاس السعدي المالكي.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>