للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُخْرَى وَسِيَاقٌ آخَرُ (١) .

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حدَّثنا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ قَالَ: فَأَتَتْهُ أُمُّهُ فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ أنا أمك وكلمني قال وكان أبو هريرة يصف كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وضع يده على حاجبه الأيمن قال وصادفته يُصَلِّي قَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ فَرَجَعَتْ، ثُمَّ أَتَتْهُ فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ أَنَا أُمُّكَ فَكَلِّمْنِي فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ هَذَا جُرَيْجٌ وَإِنَّهُ ابْنِي وَإِنِّي كَلَّمْتُهُ فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي اللَّهُمَّ فَلَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ.

وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَتَنَ لَافْتَتَنَ.

قَالَ: وَكَانَ رَاعٍ يَأْوِي إِلَى دَيْرِهِ فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ فَوَقَعَ عَلَيْهَا الرَّاعِي فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقِيلَ مِمَّنْ هَذَا؟ فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْرِ فأقبلوا بفؤوسهم

وَمِسَاحِيهِمْ وَأَقْبَلُوا إِلَى الدَّيْرِ فَنَادَوْهُ فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ فَأَقْبَلُوا يَهْدِمُونَ دَيْرَهُ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا سَلْ هَذِهِ الْمَرْأَةَ - قَالَ أُرَاهُ تَبَسَّمَ - قَالَ: ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَ الصَّبِيَّ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ رَاعِي الضَّأْنِ قَالُوا يَا جُرَيْجُ نَبْنِي مَا هَدَمْنَا مِنْ دَيْرِكَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَالَ: لَا وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ كَمَا كَانَ فَفَعَلُوا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ في الاستيذان عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بِهِ (٢) .

سِيَاقٌ آخَرُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (٣) حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَنْبَأَنَا ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ كَانَ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ فَأَتَتْهُ أُمُّهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَادَتْهُ فَقَالَتْ: أَيْ جُرَيْجُ، أَيْ بُنَيَّ، أَشْرِفْ عليَّ أُكَلِّمْكَ أَنَا أَمُّكَ أَشْرِفْ عَلَيَّ فَقَالَ: أَيْ رَبِّي صَلَاتِي وَأُمِّي فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، ثُمَّ عَادَتْ فَنَادَتْهُ مِرَارًا فَقَالَتْ: أَيْ جُرَيْجُ أَيْ بُنَيَّ أَشْرِفْ عَلَيَّ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ صَلَاتِي وَأُمِّي فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَةَ وَكَانَتْ رَاعِيَةً تَرْعَى غَنَمًا لِأَهْلِهَا ثُمَّ تَأْوِي إِلَى ظِلِّ صَوْمَعَتِهِ فَأَصَابَتْ فَاحِشَةً فَحَمَلَتْ فَأُخِذَتْ.

وَكَانَ مَنْ زَنَى مِنْهُمْ قُتِلَ، فَقَالُوا مِمَّنْ؟ قَالَتْ من جريج صاحب الصومعة فجاؤوا بالفؤوس والمرور، فقالوا: أي جريج أي مرائي؟ انْزِلْ فَأَبَى وَأَقْبَلَ عَلَى صِلَاتِهِ يُصَلِّي فَأَخَذُوا فِي هَدْمِ صَوْمَعَتِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَزَلَ، فَجَعَلُوا فِي عُنُقِهِ وَعُنُقِهَا حَبْلًا فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِمَا فِي النَّاسِ فَوَضَعَ أُصْبُعَهُ عَلَى بَطْنِهَا فَقَالَ: أَيْ غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: أَبِي فُلَانٌ رَاعِي الضَّأْنِ، فَقَبَّلُوهُ وَقَالُوا إِنْ شِئْتَ بنينا لك صومعتك من


(١) تراجعا الحديث: معناه أقبلت على الرضيع تحدثه، وكانت، أولا، لا تراه أهلا للحديث، فلما تكرر منه الكلام علمت أنه أهل له فسألته وراجعته.
(٢) صحيح مسلم ٤٥ / ٢ / ٧ / ٢٥٥٠ وأحمد في مسنده ٢ / ٤٣٣.
- المومسات: الزواني البغايا المتجاهرات بذلك، الواحدة: مومسة.
- ديره: الدير الكنيسة المنقطعة عن العمارة، تنقطع فيها رهبان النصارى لتعبدهم، وهو بمعنى الصومعة.
- مساحيهم: المساحي جمع مسحاة وهي كالمجرفة إلا أنها من حديد.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>