للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيراً من الأصحاب والأصدقاء، فلان مات.

وقد تناقض في هذه المدة وقل الوقع وتناقض لِلْخَمْسِينَ.

وَفِي شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ تَقَاصَرَ الْفَنَاءُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَنَزَلَ الْعَدَدُ إِلَى الْعِشْرِينَ فَمَا حَوْلَهَا، وَفِي رَابِعِهِ دُخِلَ بِالْفِيلِ وَالزَّرَافَةِ إِلَى مدينة دمشق من القاهرة، فأنزل فِي الْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ قَرِيبًا مِنَ الْقَصْرِ الْأَبْلَقِ، وَذَهَبَ النَّاسُ لِلنَّظَرِ إِلَيْهِمَا عَلَى الْعَادَةِ.

وَفِي يوم المجعة تَاسِعِهِ صُلِّيَ عَلَى الشَّيخ جَمَالِ الدِّين عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ خَلِيلٍ الْبَغْدَادِيِّ، الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْخُضَرِيِّ، مُحَدِّثِ بَغْدَادَ وَوَاعِظِهَا، كَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعة رحمه الله انتهى.

تجديد خطبة ثانية داخل سور دمشق منذ فتوح الشام اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الثَّالِثِ، ثُمَّ تبين أنه الرابع والعشرين مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِالْجَامِعِ الَّذِي جَدَّدَ بِنَاءَهُ نَائِبُ الشَّامِ سَيْفُ الدِّينِ مَنْكَلِي بُغَا، بِدَرْبِ الْبَلَاغَةِ قِبْلِيَّ مَسْجِدِ دَرْبِ الْحَجَرِ، دَاخِلَ بَابِ كَيْسَانَ الْمُجَدَّدِ فَتْحُهُ فِي هَذَا الْحِينِ كَمَا تقدَّم، وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِمَسْجِدِ الشَّاذُورِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي تَارِيخِ ابن عساكر مسجد الشهرزوري، وكان المسجد رث الهيئة قد تقادم عهده مدة دَهْرٍ، وَهُجِرَ فَلَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاس إِلَّا قَلِيلٌ، فَوَسَّعَهُ مِنْ قِبْلِيِّهِ وَسَقَفَهُ جَدِيدًا، وجعل له صرحة شمالية مبطلة، وَرِوَاقَاتٍ عَلَى هَيْئَةِ الْجَوَامِعِ، وَالدَّاخِلُ بِأَبْوَابِهِ عَلَى الْعَادَةِ، وَدَاخِلُ ذَلِكَ رِوَاقٌ كَبِيرٌ لَهُ جَنَاحَانِ شَرْقِيٌّ وَغَرْبِيٌّ، بِأَعْمِدَةِ وَقَنَاطِرَ، وَقَدْ كَانَ قَدِيمًا كَنِيسَةً فَأُخِذَتْ مِنْهُمْ قَبْلَ الْخَمْسِمِائَةِ، وَعُمِلَتْ مَسْجِدًا، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ إِلَى هَذَا الْحِينِ، فَلَمَّا كَمَلَ كَمَا

ذَكَرْنَا وَسِيقَ إِلَيْهِ الْمَاءُ مِنَ القنوات، ووضع فيه منبرا مُسْتَعْمَلٌ كَذَلِكَ، فَيَوْمَئِذٍ رَكِبَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَدَخَلَ الْبَلَدَ مِنْ بَابِ كَيْسَانَ وَانْعَطَفَ عَلَى حَارَةِ الْيَهُودِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْجَامِعِ الْمَذْكُورِ، وَقَدِ استنكف النَّاسُ عِنْدَهُ مِنْ قُضَاةٍ وَأَعْيَانٍ وَخَاصَّةٍ وَعَامَّةٍ، وَقَدْ عُيِّنَ لِخَطَابَتِهِ الشَّيْخُ صَدْرُ الدِّينِ بْنُ منصور الحنفي، مدرّس الناجية وَإِمَامُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، فَلَمَّا أُذِّنَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِ الْخَطَابَةِ، قِيلَ لِمَرَضٍ عَرَضَ لَهُ، وَقِيلَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حَصْرٍ أَوْ نَحْوِهُ، فَخَطَبَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ قَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ الْكَفْرِيُّ، خِدْمَةً لِنَائِبِ السَّلْطَنَةِ.

واستهلَّ شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ الْوَبَاءَ عَنْ دِمَشْقَ وَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَأَهْلُ الْبَلَدِ يَمُوتُونَ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يَمْرَضُ أَحَدٌ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ، وَلَكِنِ الْمَرَضُ الْمُعْتَادَ، انتهى.

ثم دخلت سنة ست وستين وسبعمائة اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالسُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ نَاصِرُ الدِّينِ شَعْبَانُ، وَالدَّوْلَةُ بِمِصْرَ وَالشَّامِ هُمْ هُمْ، ودخل المحمل السلطاني صَبِيحَةِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ، وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ نَالَهُمْ فِي الرَّجْعَةِ شِدَّةٌ شَدِيدَةٌ مِنَ الْغَلَاءِ وَمَوْتِ الْجِمَالِ وَهَرَبِ الْجَمَّالِينَ، وَقَدِمَ مَعَ الركب مِمَّنْ خَرَجَ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>