للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: انْتَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسْمِ قَبْرٍ فَجَلَسَ وَجَلَسَ الناس حوله، فَجَعَلَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ كَالْمُخَاطِبِ ثُمَّ بَكَى فَاسْتَقْبَلَهُ عمر فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هَذَا قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَأَبَى عَلَيَّ، وَأَدْرَكَتْنِي رِقَّتُهَا فبكيت ".

قال فما رئيت سَاعَةً أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.

تَابَعَهُ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ عَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ.

ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ (١) عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ حدَّثنا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَيُّوبَ بن هاني عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.

قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ فِي الْمَقَابِرِ، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَأَمَرَنَا فَجَلَسْنَا ثُمَّ تَخَطَّى الْقُبُورَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَبْرٍ مِنْهَا = فَنَاجَاهُ طَوِيلًا ثُمَّ ارْتَفَعَ نَحِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاكِيًا فَبَكَيْنَا لِبُكَاءِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أقبل إلينا (٢) فَتَلَقَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الَّذِي أَبْكَاكَ؟ لَقَدْ أَبْكَانَا وَأَفْزَعَنَا.

فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْنَا فَقَالَ: " أَفْزَعَكُمْ بُكَائِي قُلْنَا نَعَمْ! قَالَ: " إِنَّ الْقَبْرَ الَّذِي رَأَيْتُمُونِي أُنَاجِي قَبْرَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، وَإِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي زِيَارَتِهَا فَأَذِنَ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي فِيهِ، وَنَزَلَ عَلَيَّ: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ، وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ الله تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (٣) فَأَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ الْوَلَدُ لِلْوَالِدَةِ مِنَ الرِّقَّةِ فَذَلِكَ الَّذِي أَبْكَانِي " غَرِيبٌ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ (٤) عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ ثُمَّ قَالَ: " اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّي فَأَذِنَ لِي وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ تُذَكِّرُكُمُ الْمَوْتَ ".

وَرَوَى مُسْلِمٌ (٥) عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: " فِي النَّارِ " فلما قفا دَعَاهُ فَقَالَ: " إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّار ".

وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ (٦) مِنْ حَدِيثِ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَكَانَ، وَكَانَ، فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ:

" فِي النَّار " قَالَ فَكَأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ وَجَدَ مِنْ ذلك، فقال يا رسول الله أين أبوك؟ قال: " حيثما مررت


(١) دلائل النبوة ج ١ / ١٨٩ عن أبي عبد الله الحافظ عن أبي العبَّاس محمد بن يعقوب.
(٢) في الدلائل: إلينا (٣) سورة التوبة الآيتان ١١٣ - ١١٤.
(٤) ١١ كتاب الجنائز ٣٦ باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه في زيارة قبر أمه ح ١٠٥ - ١٠٦ ص ٦٧١، وأخرجه النسائي في كتاب الجنائز.
وابن ماجه وعند الترمذي بعضه.
(٥) كتاب الايمان ١ - ٨٨ باب ح ٣٤٧ ص ١٩١.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه.
(٦) دلائل النبوة ج ١ / ١٩١.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>