للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملعون] .

فَقَالَ (١) فِي ذَلِكَ يَمْدَحُهُمْ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى مَا وافقوه عليه من الحدب والنصرة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اجْتَمَعَتْ يَوْمًا قريشٌ لمفخرٍ * فعبدُ منافٍ سرُّها وصميمُها وَإِنْ حُصِّلَتْ أشرافُ عبدِ منافِها * فَفِي هَاشِمٍ أشرافُها وقديمُها وَإِنْ فخرتْ يَوْمًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا * هُوَ الْمُصْطَفَى مِنْ سرِّها وَكَرِيمُهَا تَدَاعَتْ قريشٌ غُّثها وَسَمِينُهَا * عَلَيْنَا فَلَمْ تَظْفَرْ وَطَاشَتْ حُلُومُهَا (٢) وكنَّا قَدِيمًا لَا نُقِرُّ ظُلَامَةً * إِذْ ما ثنوا صُعر الرِّقَابِ نُقيمُها (٣) وَنَحْمِي حِمَاهَا كلَّ يَوْمِ كريهةٍ * ونضربُ عَنْ أحجارِها مَنْ يَرُومُهَا (٤)

بِنَا انتعشَ العودُ الذواء وإنما * بأكنافنا تندَى وتنمى أرومها (٥)

فَصْلٌ فِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا تَعَنَّتُوا له فِي أَسْئِلَتِهِمْ إِيَّاهُ أَنْوَاعًا مِنَ الْآيَاتِ وَخَرْقِ الْعَادَاتِ عَلَى وَجْهِ الْعِنَادِ، لَا عَلَى وَجْهِ طَلَبِ الْهُدَى وَالرَّشَادِ فَلِهَذَا لَمْ يُجَابُوا إِلَى كَثِيرٍ مِمَّا طَلَبُوا وَلَا مَا إِلَيْهِ رَغِبُوا، لِعِلْمِ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ لَوْ عَايَنُوا وَشَاهَدُوا مَا أَرَادُوا لَاسْتَمَرُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ، وَلَظَلُّوا في غيهم وضلالهم يتردون.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لَا يُؤْمِنُونَ، وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ، وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عليهم كل شئ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يجهلون) [الانعام: ١٠٩ - ١١١] وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)


(١) فقال: أي أبو طالب.
(٢) الغث: هنا من ليس له نسب، والغث في الاصل: اللحم الضعيف.
(٣) في ابن هشام: الخدود بدل الرقاب.
(٤) في ابن هشام: اجحارها، والاجحار جمع جحر يريد بيوتها ومساكنها.
والاحجار: المراد بها الحصون والمعاقل.
(٥) في نسخ البداية المطبوعة: " الزواء " وهو تحريف.
والذواء: الذي جفت رطوبته.
والاروم: الاصول جمع أرومة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>