للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى في الانتقام منهم، كأنهم قالوا أنت أعلم بما أجابونا به من

التصديق والتكذيب، الثالث: معناه لا علم لنا بحقيقة ما أجابونا به.

لأنا نعلم ظاهره وأنت تعلم ظاهره ومضمره، ويؤيده ما بعده.

* * *

فإن قيل: أي معجزة لعيسى عليه الصلاة والسلام في تكليم الناس

كهلًا حتى قال: (تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً) ؟

قلنا: قد سبق هذا السؤال وجوابه في سورة آل عمران مستقصى.

* * *

فإن قيل: كيف قال الحواريرن: (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ) شكوا في قدرة الله تعالى على بعض

الممكنات، وذلك كفر، ووصفوه بالاستطاعة وذلك تشبيه، لأن

الاستطاعة إنما تكون بالجوارح، والحواريون خلص أتباع عيسى

عليه الصلاة واسلام والمؤمنين به بدليل قوله تعالى حكاية

عنهم: (قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) ؟

قلنا: هذا استفهام عن الفعل لا عن القدرة، كما يقول الفقير للغنى

القادر، هل تقدر أن تعطينى شيئاً وهذه تسمى استطاعة المطاوعة لا

استطاعة القدرة.

* * *

فإن قيل: لو كان المراد هذا المعنى لما أنكر عليهم عيسي عليه الصلاة

السلام بقوله: (اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ؟

قلنا: إنكاره عليهم إنما كان لأنهم أتوا بلفظ يحتمل المعنى الذي لا

يليق بالمؤمن المخلص إرادته وإن كانوا لم يريدوه.

<<  <   >  >>