للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما حكى الله تعالى عن المنافقين: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ... الآية) ، وقيل معني جوابهم لو هدانا الله في الآخرة طريق النجاة من العذب لهديناكم أي لأغنينا عنكم، وسلكنا بكم طريق النجاة كما سلكنا بكم طريق الهلكة في الدنيا.

* * *

فإن قيل: كيف اتصل وارتبط قولهم: (سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا) بما قبله؟

قلنا: اتصاله به من حيث إن عتاب الضعفاء للذين استكبروا كان جزعا مما هم فيه، وقلقا من ألم العذاب، فقال لهم رؤساؤهم: (سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ)

يريدون أنفسهم وإياهم لاجتماعهم في عقاب الضلالة التى كانوا مجتمعين عليها في الدنيا، كأنهم قالوا للضعفاء ما هذا الجزع والتوبيخ، ولا فائدة فيه كما لا فائدة في الصبر، فإن الأمر أطم من ذلك وأعم.

* * *

فإن قيل: كيف قال الله تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) عبر عنه بلفظ الماضي، وذلك القول من الشيطان لم

يقع بعد، وإنما هو مترقب منتظر يقوله يوم القيامة؟

قلنا: يجوز وضع المضارع موضع الماضي، ووضع الماضي موضع المضارع إذا أمن اللبس، قال الله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ)

<<  <   >  >>