للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) والإحصاء والعدد بمعنى واحد كذا نقله الجوهرى، فيكون المعنى وأن تعدوا نعمة الله لا تعدوها، وأنه متناقض كقولك: وأن تر زيداً لا تبصره، وإذ الرؤية والأبصار واحد؟

قلنا: بعض المفسرين فسر الاحصاء بالحصر، فإن صح ذلك لغة اندفع السؤال، ويزيد ذلك قول الزمخشري: لا تحصوها أي لا تحصروها ولا تطيقوا عدها وبلوغ آخرها، وعلى القول الأول فيه إضمار تقديره: وإن تريدوا عد نعمة الله لا تعدوها.

* * *

فإن قيل: كيف قال تعالى: "لا تحصوها" وهو يوهم أن نعمة الله تعالى علينا غير متناهية

وكل نعمة (ممتن) بها علينا فهى

مخلوقة وكل مخلوق متناه؟

قلنا: لا نسلم أنه يوهم أنها لا تتناهى، وذلك لأن المفهوم منه منحصر في أنا لا نطيق عدهما أو حصر عددها، ويجوز أن يكون الشيء متناهيا في نفسه، والإنسان لا يطيق عدده كرمل القفار، وقطر البحار، وورق الأشجار، وما أشبه ذلك.

* * *

فإن قيل: كيف قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) وعبادة الأصنام كفر، والأنبياء معصومون عن الكفر بإجماع الأمة، فكيف حسن منه هذا السؤال؟

قلنا: إنما سأل هذا السؤال في حالة خوف أذهله عن ذلك العلم، لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أعلم الناس بالله، فيكونون أخوفهم منه

<<  <   >  >>