للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخلق حواء من آدم عليه السلام سابق على خلقنا

منه، فكيف عطفه عليه بكلمة "ثم "؟

قلنا: " ثم " هنا للعطف في الإخبار لا في الإيجاد كما تقول لصاحبك: أعطيتك اليوم كذا ثم أعطيتك أمس أكثر منه، أي ثم أخبرك بكذا، ومنه قول الشاعر:

إن من ساد ثم ساد أبوه. . . ثم قد ساد قبل ذلك جده.

الثانى: أن " ثم " متعلقة بمعنى واحدة، وعاطفة عليه لا على خلقكم، فمعناه خلقكم من نفس وجدت وأفردت بالإيجاد ثم شفعت بزوج، الثالث: أن " ثم " على ظاهرها لأن الله تعالى خلق آدم ثم

أخرج أولاده من ظهره كالذر وأخذ عليهم الميثاق ثم ردهم إلى ظهره ثم خلق منه حواء، فالمراد بقوله تعالى: خلقكم خلقاً يوم

أخذ الميثاق دفعة واحدة، لا هذا الخلق الذي نحن فيه الآن بالتوالد والتناسل.

* * *

فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ) مع أن الأنعام مخلوقة في الأرض، لا منزلة من السماء؟

قلنا: قيل إن الله تعالى خلق الأزواج الثمانية في الجنة ثم أنزلها على آدم عليه السلام بعد إنزاله إلى الأرض، الثانى: أن الله تعالى أنزل الماء من السماء والأنعام لا توجد إلا بوجود النبات، والنبات لا يوجد إلا بوجود الماء، فكأن الأنعام منزلة له من السماء، ونظيره

قوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ)

<<  <   >  >>