للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الأمور إذا الأحداث دبرها. . . دون الشيوخ ترى في بعضما خللاً

ومنه قول لبيد:

أو لم تكن تدرى نوار بأننى. . . وصال عقد حبائل جذامها

تراك أمكنة إذا لم أرضها. . . أو يرتبط بعض النفوس حمامها

قلت: ولقائل أن يقول أن لفظة "بعض " في البيتين على حقيقتها.

وكنى لبيد ببعض النفوس عن نفسه كأنه قال: أتركها إلى أن أموت، وكذا فسره ابن الأنباوى على أن أبا عبيدة قال: إن بعضاً في الآية

بمعنى " كل " واستدل ببيت لبيد وأنكر الزمخشري على أبى عبيدة هذا التفسير على أن غير أبى عبيدة قد قال في قوله تعالى حكاية

عن عيسى عليه السلام لأمته: (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) أن بعضاً فيه بمعنى " كل "، الثالث: أنها على أصلها ثم في ذلك وجهان: أحدهما: أنه وعدهم النجاة إن آمنوا، والهلاك إن كفروا

فذكر لفظة " بعض " لأنهم على إحدى الحالتين لا محالة، الثانى: أنه وعدهم على كفرهم الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة، وكان هلاكهم في الدنيا بعضاً، فمراده يصيبكم في الدنيا بعض الذي يعدكم

، الرابع: أنه ذكر البعض بطريق التنزيل والتلطف وإمحاض النصيحة من غير مبالغة ولا تأكيد ليسعوا منه ولا يتهموه، فيردوا عليه وينسبوه إلى ميل ومحاباة بموسى عليه السلام، كأنه قال: أقل ما

يصيبكم البعض، وفيه كفاية، ونظيره قول الشاعر:

<<  <   >  >>