للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: إن ترك المنهي عنه كالزنا وشرب الخمر والفواحش لا يحتاج إلى نية للخروج عن عهدة النهي، فمن لم يزن أو لم يشرب الخمر أو لم يقتل يعتبر منتهياً عن تلك الأفعال ولو لم تحضره نية الترك.

ولكن هل يثاب على ذلك الترك؟

علمنا مما سبق أن الثواب مترتب على نية التقرب إلى الله تعالى بإيجاد الفعل أو الامتناع عنه، فمن ترك الزنا بدون استحضار نية الترك أو لعدم قدرته عليه، أو كان أعمى فترك النظر المحرم، فهنا لا ثواب على الترك لأنه لم يتقرب إلى الله بهذا الترك، وإنما يحصل الثواب بأن كان قادراً على الفعل ودعته نفسه إليه فكفها عنه طاعة لله وخوفاً من عقابه، فهو يثاب بهذه النية لا بمجرد الترك.

[طريقة معرفة حكم الجزئيات من القاعدة الكلية]

فمثلاً قاعدة: (الأمور بمقاصدها) كلية وإذا أردنا أن نتعرف منها حكم جزئية ما مما يندرج تحتها نقول مثلاً: (زيد أعطى فلانا من الناس مالاً) فما حكمه.

فنستخرج من القاعدة الكلية الأمور بمقاصدها أن إعطاك المال قد يكون مقصوداً به التصدق مثلاً، أو الهبة، أو القرض أو الإيداع، أو الوفاء أو غير ذلك من المقاصد، ولما كان لكل مقصد حكم يخصه، نقول: إن كان مقصد زيد من الإعطاء التصدق أو الهبة كان فعله طاعة يثاب عليها، وإن كان قصده إقراضه إياه أو إيداعه عنده كان له حق استرداده وعلى الآخذ وجوب الرد، وهو مضمون على الآخذ في الأولى غير مضمون عليه في الثانية، إذا لم يتعدَّ أو يقصر في الحفظ، وإن كان قصده وفاء دين عليه كان الحكم براءة ذمته ورداً لحق الآخر، لأن الأمور بمقاصدها.

<<  <   >  >>