للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يبرر كونه سنة، ولا يدل على جوازه ومشروعيته.

وقد نص على ذلك أيضا الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام، وكتب في هذا أيضا شيخنا العلامة الكبير محمد بن إبراهيم رحمه الله كتابة وافية، وليس في هذا والحمد لله شك عند من عرف الأصول وعرف القاعدة الشرعية في كمال الشريعة والتحذير من البدع، وإنما يشكل هذا على بعض الناس الذين لم يحققوا الأصول، ولم يدرسوا طريقة السلف الصالح دراسة وافية كافية، بل اغتروا بمن فعل المولد من بعض الناس فقلدوه، أو اغتروا بمن قال: إن في الإسلام بدعة حسنة.

والصواب في هذا المقام أن الاحتفال بالموالد كله بدعة، بمولده عليه الصلاة والسلام وبمولد غيره، كمولد البدوي أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهما، لم يفعله السلف الصالح، ولم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم احتفالا بمولده، وهو المعلم المرشد عليه الصلاة والسلام، وقد بلغ البلاغ المبين، ونصح الأمة وما ترك سبيلا يقرب من الله ويدني من رحمته إلا بينه للأمة وأرشدهم إليه، وما ترك سبيلا يباعد من رحمة الله ويدني من النار إلا بينه للأمة وحذرهم منه، فقد قال الله سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١) [المائدة: ٣] .

وقد أقام عليه الصلاة والسلام في مكة ثلاث عشرة سنة، وفي المدينة عشر سنين ولم يحتفل بهذا المولد، ولم يقل للأمة افعلوا ذلك، ثم صحابته رضي الله عن هم وأرضاهم لم يفعلوا ذلك، لا الخلفاء الراشدون، ولا غيرهم من الصحابة، ثم التابعون لهم بإحسان من


(١) سورة المائدة الآية ٣

<<  <   >  >>