للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجماع فروعها أن كل من ادعى حقًا في ذمة غيره فإنه يطالب بالبينة والمنكر يطالب باليمين، وتفصيل المسائل يطول وفي مضى كفاية - إن شاء الله تعالى -، والله وأعلم. وسيأتي - إن شاء الله تعالى - بقية قواعد الأصول في ثنايا القواعد، والله تعالى وأعلم.

القاعدة الرابعة عشر

[١٤ - لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة]

هذه القاعدة من أصول الشريعة، وذلك أن الشريعة الإسلامية جاءت بالحنفية السمحة فلا أغلال فيها ولا آصار ولا تكليف فيها بما فيه حرج ومشقة شديدة لاتحتمل، بل كل تشريعاتها داخلة تحت القدرة والاستطاعة فهي كما قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا} ، وقال تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} .

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (بعثت بالحنيفية السمحة) هذا هو الأصل في شريعتنا أنها يسيرة في تشريعاتها إذا علمت هذا فاعلم أن الأصل في كل واجب هو وجوب القيام به بنفسه فلا يجوز تركه أبدًا، والأصل في كل محرم وجوب تركه فلا يجوز فعله أبدًا، هذا هو الأصل إلا أن الإنسان قد تعرض له عوارض يعجز عن القيام بالواجب أو يحتاج إلى ارتكاب المحرم فحينئذٍ يجوز له ذلك، فيفوت من الواجب ما يعجز عنه ويرتكب من المحرم ما يضطر إليه؛ لأن أدلة الشريعة دلت على أن الواجبات تسقط بالعجز عنها؛ لأن من شروط التكليف بالفعل أن يكون مقدورًا عليه فإذا عجز الإنسان عن هذا الفعل الواجب فإنه لا يكون واجبًا في حقه، وإن عجز عن بعضه دون بعض فإن ما عجز عنه هو الذي يسقط دون ما قدر عليه، ولأن الأدلة أيضًا دلت على أن المحرم يحرم ارتكابه في حالة عدم الاضطرار إليه، أما إذا اضطر إليه فله ارتكاب ما تندفع به ضرورته فإذا اندفعت الضرورة عاد الحكم كما كان. إذًا هذه القاعدة مكونة من جزئين نذكرهما كل واحد بأدلته وفروعه فأقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>