للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنْ جِهَةِ النَّمَاءِ إلَى اسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ، أَشْبَهَ حَلْيَ الْمَرْأَةِ.

[فَصْلُ قَلِيلُ الْحُلِيِّ وَكَثِيرُهُ فِي الْإِبَاحَةِ وَالزَّكَاةِ سَوَاءٌ]

(١٨٨٦) فَصْلٌ وَقَلِيلُ الْحُلِيِّ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَالزَّكَاةِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ يُبَاحُ مَا لَمْ يَبْلُغْ أَلْفَ مِثْقَالٍ، فَإِنْ بَلَغَهَا حَرُمَ، وَفِيهِ الزَّكَاةُ؛ لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْأَثْرَمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ؟ قَالَ: سُئِلَ جَابِرٌ عَنْ الْحُلِيِّ، هَلْ فِيهِ زَكَاةٌ؟ قَالَ: لَا. فَقِيلَ لَهُ: أَلْفُ دِينَارٍ؟ فَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَكَثِيرٌ. وَلِأَنَّهُ يَخْرُجُ إلَى السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَبَاحَ التَّحَلِّي مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ بِالرَّأْيِ وَالتَّحَكُّمِ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي نَفْيِ الْوُجُوبِ.

وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ، ثُمَّ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ، فَرَوَى الْجُوزَجَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ الْحُلِيِّ فِيهِ زَكَاةٌ؟ قَالَ: لَا. قُلْت: إنَّ الْحُلِيَّ يَكُونُ فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ، يُعَارُ وَيُلْبَسُ. ثُمَّ إنَّ قَوْلَ جَابِرٍ قَوْلُ صَحَابِيٍّ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ أَبَاحَهُ مُطْلَقًا بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ، فَلَا يَبْقَى قَوْلُهُ حُجَّةً، وَالتَّقْيِيدُ بِالرَّأْيِ الْمُطْلَقِ وَالتَّحَكُّمُ غَيْرُ جَائِزٍ.

[فَصْلُ إذَا انْكَسَرَ الْحُلِيُّ كَسْرًا لَا يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ وَاللُّبْسَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ]

(١٨٨٧) فَصْلٌ: وَإِذَا انْكَسَرَ الْحُلِيُّ كَسْرًا لَا يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ وَاللُّبْسَ، فَهُوَ كَالصَّحِيحِ، لَا زَكَاةَ فِيهِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَسْرَهُ وَسَبْكَهُ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ حِينَئِذٍ، لِأَنَّهُ نَوَى صَرْفَهُ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ. وَإِنْ كَانَ الْكَسْرُ يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ، فَقَالَ الْقَاضِي: عِنْدِي أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ النُّقُودِ وَالتِّبْرِ.

[فَصْلُ وَإِذَا كَانَ الْحُلِيُّ لِلِّبْسِ فَنَوَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ التِّجَارَةَ انْعَقَدَ عَلَيْهِ حَوْلُ الزَّكَاةِ مِنْ حِينِ نَوَتْ]

(١٨٨٨) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ الْحُلِيُّ لِلُّبْسِ، فَنَوَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ التِّجَارَةَ، انْعَقَدَ عَلَيْهِ حَوْلُ الزَّكَاةِ مِنْ حِينِ نَوَتْ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ هُوَ الْأَصْلُ، وَإِنَّمَا انْصَرَفَ عَنْهُ لِعَارِضِ الِاسْتِعْمَالِ، فَعَادَ إلَى الْأَصْلِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ نَوَى بِعَرْضِ التِّجَارَةِ الْقُنْيَةَ، انْصَرَفَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>