للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُنْفِقُ عَلَى الْفَرَسِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ حِلْيَةِ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ بِالْفِضَّةِ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَالَ: هُوَ عَلَى مَا وَقَفَ. وَهَذَا لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِهِ، فَأَشْبَهَ حِلْيَةَ الْمِنْطَقَةِ.

وَإِذَا قُلْنَا بِتَحْرِيمِهَا فَصَارَ بِحَيْثُ لَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ شَيْءٌ، لَمْ يَحْرُمْ اسْتَدَامَتْهُ، كَقَوْلِنَا فِي تَمْوِيهِ السَّقْفِ، وَأَبَاحَ الْقَاضِي عِلَاقَةَ الْمُصْحَفِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً. وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لِأَنَّ حِلْيَةَ الْمَرْأَةِ مَا لَبِسَتْهُ، وَتَحَلَّتْ بِهِ فِي بَدَنِهَا أَوْ ثِيَابِهَا، وَمَا عَدَاهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْأَوَانِي، لَا يُبَاحُ لِلنِّسَاءِ مِنْهُ إلَّا مَا أُبِيحَ لِلرِّجَالِ. وَلَوْ أُبِيحَ لَهَا ذَلِكَ لَأُبِيحَ عِلَاقَةُ الْأَوَانِي وَالْأَدْرَاجِ وَنَحْوِهِمَا. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.

(١٨٩٦) فَصْلٌ: وَكُلُّ مَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ إذَا كَانَ نِصَابًا، أَوْ بَلَغَ بِضَمِّهِ إلَى مَا عِنْدَهُ نِصَابًا، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

[مَسْأَلَةُ زَكَاة الرِّكَازِ]

(١٨٩٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ الرِّكَازِ، وَهُوَ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَفِيهِ الْخَمْسُ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ، وَبَاقِيه لَهُ الدِّفْنُ، بِكَسْرِ الدَّالِ: الْمَدْفُونُ. وَالرِّكَازُ: الْمَدْفُونُ فِي الْأَرْضِ. وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ رَكَزَ يَرْكِزُ. مِثْلُ غَرَزَ يَغْرِزُ: إذَا خَفِيَ. يُقَالُ: رَكَزَ الرُّمْحَ، إذَا غَرَزَ أَسْفَلَهُ فِي الْأَرْضِ. وَمِنْهُ الرِّكْزُ، وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: ٩٨] . وَالْأَصْلُ فِي صَدَقَةِ الرِّكَازِ، مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهُوَ أَيْضًا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ هَذَا الْحَدِيثَ، إلَّا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يُوجَدُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، وَأَرْضِ الْعَرَبِ، فَقَالَ: فِيمَا يُوجَدُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ الْخُمْسُ، وَفِيمَا يُوجَدُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ الزَّكَاةُ.

[مَسْأَلَةُ زَكَاة الرِّكَازِ تَشْتَمِلُ عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ]

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الرِّكَازُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْخُمْسِ]

(١٨٩٨) فَصْلٌ: وَأَوْجَبَ الْخُمْسَ فِي الْجَمِيعِ الزُّهْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرُهُمْ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ: (١٨٩٩) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ، أَنَّ الرِّكَازَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْخُمْسِ مَا كَانَ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ. هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ.

وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِأَنْ تُرَى عَلَيْهِ عَلَامَاتُهُمْ، كَأَسْمَاءِ مُلُوكِهِمْ، وَصُوَرِهِمْ وَصُلُبِهِمْ، وَصُوَرِ أَصْنَامِهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ، أَوْ اسْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَحَدٌ مِنْ خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ وَالٍ لَهُمْ، أَوْ آيَةٌ مِنْ قُرْآنِ أَوَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهُوَ لُقَطَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ مُسْلِمٍ لَمْ يُعْلَمْ زَوَالُهُ عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ عَلَى بَعْضِهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى بَعْضِهِ عَلَامَةُ الْكُفْرِ، فَكَذَلِكَ. نَصَّ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>