للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عِلَاجِ الْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِعَبَثٍ أَوْ شَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى الْمَسْنُونِ وَأَشْبَاهِهِ، عُدَّ تَفْرِيقًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْوَسْوَسَةُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِمَا لَيْسَ بِمَفْرُوضٍ وَلَا مَسْنُونٍ.

[مَسْأَلَة الْوُضُوءُ مَرَّةً مَرَّةً]

(١٨٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَالْوُضُوءُ مَرَّةً مَرَّةً يُجْزِئُ، وَالثَّلَاثُ أَفْضَلُ هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا أَنَّ مَالِكًا لَمْ يُوَقِّتْ مَرَّةً وَلَا ثَلَاثًا، قَالَ: إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] .

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الْوُضُوءُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا إلَّا غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ، فَإِنَّهُ يُنَقِّيهِمَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً مَرَّةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ عَلِيٍّ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَصَحُّ.

وَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا سَلَّامٌ الطَّوِيلُ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، ثُمَّ قَالَ: هَذَا وَظِيفَةُ الْوُضُوءِ، وُضُوءُ مَنْ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً إلَّا بِهِ، ثُمَّ تَحَدَّثَ سَاعَةً، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ، مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا وُضُوءٌ مَنْ تَوَضَّأَهُ ضَاعَفَ اللَّهُ لَهُ الْأَجْرَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ تَحَدَّثَ سَاعَةً، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، فَقَالَ: هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ النَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلِي» . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوَ هَذَا،

وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، «أَنَّ عُثْمَانَ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ وَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ: هَذَا الْوُضُوءُ أَسْبَغُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ أَحَدٌ لِلصَّلَاةِ. (١٨٤) فَصْلٌ: وَإِنْ غَسَلَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ مَرَّةً وَبَعْضَهَا أَكْثَرَ، جَازَ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ ذَلِكَ فِي الْكُلِّ جَازَ فِي الْبَعْضِ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ إلَّا رَجُلٌ مُبْتَلًى. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ لَا آمَنُ مَنْ ازْدَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أَنْ يَأْثَمَ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ تَشْدِيدُ الْوُضُوءِ مِنْ الشَّيْطَانِ، لَوْ كَانَ هَذَا فَضْلًا لَأُوثِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>