للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَكَاةِ الْمَالِ فَإِنَّهَا لَا تُتَحَمَّلُ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةِ، فَإِنْ كَانَ لِامْرَأَتِهِ مَنْ يَخْدُمُهَا بِأُجْرَةٍ، فَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ فِطْرَتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْأَجْرُ دُونَ النَّفَقَةِ.

وَإِنْ كَانَ لَهَا نَظَرْت، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَجِبُ لَهَا خَادِمٌ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ خَادِمِهَا، وَلَا فِطْرَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُهَا، فَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَخْدُمَهَا، ثُمَّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا خَادِمًا، أَوْ يَسْتَأْجِرَ أَوْ يُنْفِقَ عَلَى خَادِمِهَا، فَإِنْ اشْتَرَى لَهَا خَادِمًا أَوْ اخْتَارَ الْإِنْفَاقَ عَلَى خَادِمِهَا فَعَلَيْهِ فِطْرَتُهُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لَهَا خَادِمًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَلَا فِطْرَتُهُ، سَوَاءٌ شَرَطَ عَلَيْهِ مُؤْنَتَهُ أَوْ لَمْ يَشْرِطْ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ إذَا كَانَتْ أُجْرَةً فَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ.

وَإِنْ تَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مِنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ تَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَسَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَفِطْرَتُهَا عَلَى نَفْسِهَا دُونَ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا لَا تَلْزَمُهُ. وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ عَلَيْهِ فِطْرَتَهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ ثَابِتَةٌ عَلَيْهَا فَلَزِمَتْهُ فِطْرَتُهَا كَالْمَرِيضَةِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ. وَالْأَوَّلُ: أَصَحُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، فَلَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَفَارَقَ الْمَرِيضَةَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ، لَا لِخَلَلٍ فِي الْمُقْتَضَى لَهَا، فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ ثُبُوتِ تَبَعِهَا، بِخِلَافِ النَّاشِزِ. وَكَذَلِكَ كُلُّ امْرَأَةٍ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا، كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا لَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ، وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنْ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، فَإِنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَلَا فِطْرَتُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ يُمَوَّنُ.

[فَصْلُ الْعَبِيدُ إنْ كَانُوا لِغَيْرِ التِّجَارَةِ فَعَلَى سَيِّدِهِمْ فِطْرَتُهُمْ]

(١٩٧١) فَصْلٌ: وَأَمَّا الْعَبِيدُ فَإِنْ كَانُوا لِغَيْرِ التِّجَارَةِ، فَعَلَى سَيِّدِهِمْ فِطْرَتُهُمْ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَإِنْ كَانُوا لِلتِّجَارَةِ، فَعَلَيْهِ أَيْضًا فِطْرَتُهُمْ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُمْ؛ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ وَلَا تَجِبُ فِي مَالٍ وَاحِدٍ زَكَاتَانِ، وَقَدْ وَجَبَتْ فِيهِمْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ، فَيَمْتَنِعُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ الْأُخْرَى، كَالسَّائِمَةِ إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ. وَلَنَا، عُمُومُ الْأَحَادِيثِ وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ» وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: «أَلَا إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ» . وَلِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ وَاجِبَةٌ فَوَجَبَتْ فِطْرَتُهُمْ، كَعَبِيدِ الْقُنْيَةِ.

أَوْ نَقُولُ مُسْلِمٌ تَجِبُ مُؤْنَتُهُ، فَوَجَبَتْ فِطْرَتُهُ، كَالْأَصْلِ، وَزَكَاةُ الْفِطْرَةِ تَجِبُ عَلَى الْبَدَنِ، وَلِهَذَا تَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>