للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدٌ وَلَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ نَفْسِهِ، فَلَزِمَتْهُ فِطْرَتُهَا كَالْحُرِّ الْمُوسِرِ وَيُفَارِقُ زَكَاةَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهَا يُعْتَبَرُ لَهَا الْغِنَى وَالنِّصَابُ وَالْحَوْلُ، وَلَا يَحْمِلُهَا أَحَدٌ عَنْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ. (١٩٨٣) فَصْلٌ: وَتَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ فِطْرَةُ مِنْ يَمُونُهُ كَالْحُرِّ؛ لِدُخُولِهِمْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَدُّوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَمَّنْ تَمُونُونَ»

[مَسْأَلَةُ فِطْرَةُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَوَالِيهِ]

(١٩٨٤) مَسْأَلَةٌ:

قَالَ: وَإِذَا مَلَكَ جَمَاعَةٌ عَبْدًا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاعًا، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، صَاعًا عَنْ الْجَمِيعِ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِطْرَةَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَوَالِيهِ. وَبِهَذَا

قَالَ مَالِكٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو ثَوْرٍ.

وَقَالَ الْحَسَنُ، وَعِكْرِمَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ: لَا فِطْرَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ وِلَايَةٌ تَامَّةٌ، أَشْبَهَ الْمُكَاتَبَ. وَلَنَا، عُمُومُ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّهُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ مَمْلُوكٌ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا فَلَزِمَتْهُ لِمَمْلُوكِ الْوَاحِدِ، وَفَارَقَ الْمُكَاتَبَ، فَإِنَّهُ لَا تَلْزَمُ سَيِّدَهُ مُؤْنَتُهُ، وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يُخْرِجُ عَنْ نَفْسِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ، بِخِلَافِ الْقِنِّ، وَالْوِلَايَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي وُجُوبِ الْفِطْرَةِ، بِدَلِيلِ عَبْدِ الصَّبِيِّ، ثُمَّ إنَّ وِلَايَتَهُ لِلْجَمِيعِ، فَتَكُونُ فِطْرَتُهُ عَلَيْهِمْ.

وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَفِي إحْدَاهُمَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَاعٌ؛ لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ فَوَجَبَ تَكْمِيلُهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ، كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ. وَالثَّانِيَةُ، عَلَى الْجَمِيعِ صَاعٌ وَاحِدٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ. وَهَذَا الظَّاهِرُ عَنْ أَحْمَدَ.

قَالَ فُورَانُ: رَجَعَ أَحْمَدُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ: يُعْطِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفَ صَاعٍ. يَعْنِي رَجَعَ عَنْ إيجَابِ صَاعٍ كَامِلٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ. وَهَذَا قَوْلُ سَائِرِ مَنْ أَوْجَبَ فِطْرَتَهُ عَلَى سَادَتِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ صَاعًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ. وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمُشْتَرَكِ وَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ نَفَقَتَهُ تُقْسَمُ عَلَيْهِمْ، فَكَذَلِكَ فِطْرَتُهُ التَّابِعَةُ لَهَا، وَلِأَنَّهُ شَخْصٌ وَاحِدٌ، فَلَمْ تَجِبْ عَنْهُ صِيعَانٌ كَسَائِرِ النَّاسِ، وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ فَوَجَبَتْ عَلَى سَادَتِهِ بِالْحِصَصِ، كَمَاءِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ، وَبِهَذَا يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرْنَاهُ لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى

[فَصْلُ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ فَفِطْرَتُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَيِّدِهِ]

(١٩٨٥) فَصْلٌ: وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ فَفِطْرَتُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَيِّدِهِ. وَبِهَذَا

قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَى الْحُرِّ بِحِصَّتِهِ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>