للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْنَى اسْتَقَاءَ: تَقَيَّأَ مُسْتَدْعِيًا لِلْقَيْءِ. وَذَرْعُهُ: خُرُوجٌ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ، فَمَنْ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ يَفْسُدُ بِهِ. وَمِنْ ذَرَعَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ اخْتِلَافًا.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ صَوْمِ مَنْ اسْتَقَاءَ عَامِدًا وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْقَيْءَ لَا يُفْطِرُ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ: الْحِجَامَةُ وَالْقَيْءُ وَالِاحْتِلَامُ» . وَلِأَنَّ الْفِطْرَ بِمَا يَدْخُلُ لَا بِمَا يَخْرُجُ. وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَامِدًا فَلْيَقْضِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَحَدِيثُهُمْ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، يَرْوِيه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْحَدِيثِ، قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَ لَهُمْ يَبْطُلُ بِالْحَيْضِ وَالْمَنِيِّ. (٢٠٤٢) فَصْلٌ: وَقَلِيلُ الْقَيْءِ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ، فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ؛ لَا يُفْطِرُ إلَّا بِمِلْءِ الْفَمِ. لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «وَلَكِنْ دَسْعَةٌ تَمْلَأُ الْفَمَ» . وَلِأَنَّ الْيَسِيرَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَلَا يُفْطِرُ كَالْبَلْغَمِ. وَالثَّالِثَةُ، نِصْفُ الْفَمِ، لِأَنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَأَفْطَرَ بِهِ كَالْكَثِيرِ.

وَالْأُولَى أَوْلَى لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ، وَلِأَنَّ سَائِرَ الْمُفْطِرَاتِ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَحَدِيثُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا نَعْرِفُ لَهُ أَصْلًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْقَيْءِ طَعَامًا، أَوْ مُرَارًا، أَوْ بَلْغَمًا، أَوْ دَمًا، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ دَاخِلٌ تَحْتَ عُمُومِ الْحَدِيثِ وَالْمَعْنَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[مَسْأَلَةُ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَهُوَ صَائِم]

(٢٠٤٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ، فَقَدْ أَفْطَرَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>