للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ يُجْزِئْهُ، كَمَا لَوْ نَوَى لَيْلَةَ الشَّكِّ، إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ؛ فَهُوَ فَرْضِي. وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ، فَقَالَ الْقَاضِي: عَلَيْهِ الصِّيَامُ، وَيَقْضِي إذَا عَرَفَ الشَّهْرَ، كَاَلَّذِي خَفِيَتْ عَلَيْهِ دَلَائِلُ الْقِبْلَةِ وَيُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ دَلَائِلُ الْقِبْلَةِ هَلْ يُعِيدُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ كَذَلِكَ يُخَرَّجُ عَلَى قَوْلِهِ هَاهُنَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَتَحَرَّى، فَمَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الشَّهْرِ صَحَّ صَوْمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ عَلَى دَلِيلٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ مَعْرِفَةُ الدَّلِيلِ، وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِثْلَ هَذَا فِي الْقِبْلَةِ.

(٢١١٩) فَصْلٌ: وَإِذَا صَامَ تَطَوُّعًا، فَوَافَقَ شَهْرَ رَمَضَان، لَمْ يُجْزِئْهُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُجْزِئُهُ. وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى تَعْيِينِ النِّيَّةِ لِرَمَضَانَ، وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ.

[مَسْأَلَةُ صَوْمَ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ]

(٢١٢٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يُصَامُ يَوْمَا الْعِيدَيْنِ، وَلَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، لَا عَنْ فَرْضٍ، وَلَا عَنْ تَطَوُّعٍ. فَإِنْ قَصَدَ لِصِيَامِهَا كَانَ عَاصِيًا، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْفَرْضِ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ صَوْمَ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، مُحَرَّمٌ فِي التَّطَوُّعِ وَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ. وَذَلِكَ لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إنَّ هَذَيْنِ يَوْمَيْنِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صِيَامِهِمَا يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْآخَرُ يَوْمَ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ؛ يَوْمِ فِطْرٍ، وَيَوْمِ أَضْحَى» .

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَتَحْرِيمَهُ. وَأَمَّا صَوْمُهُمَا عَنْ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ فَفِيهِ خِلَافٌ. نَذْكُرُهُ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَةُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ مَنْهِيٌّ عَنْ صِيَامِهَا]

(٢١٢١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يَصُومُهَا عَنْ الْفَرْضِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ مَنْهِيٌّ عَنْ صِيَامِهَا أَيْضًا؛ لِمَا رَوَى نُبَيْشَةُ الْهُذَلِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيَّامَ مِنًى أُنَادِي: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>