للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِعَالٍ» . إلَّا أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ: هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ بِإِفْطَارِهَا، وَيَنْهَى عَنْ صِيَامِهَا. قَالَ مَالِكٌ: وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَا يَحِلُّ صِيَامُهَا تَطَوُّعًا، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهَا. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُفْطِرُ إلَّا يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَبْلُغْهُمْ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صِيَامِهَا، وَلَوْ بَلَغَهُمْ لَمْ يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَرَّبَ إلَيْهِمَا طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ، فَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ عَمْرٌو: كُلْ، فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ بِإِفْطَارِهَا، وَيَنْهَى عَنْ صِيَامِهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَفْطَرَ لَمَّا بَلَغَهُ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَمَّا صَوْمُهَا لِلْفَرْضِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ صَوْمِهَا، فَأَشْبَهَتْ يَوْمَيْ الْعِيدِ. وَالثَّانِيَةُ: يَصِحُّ صَوْمُهَا لِلْفَرْضِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو، وَعَائِشَةَ، أَنَّهُمَا قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ أَيْ: الْمُتَمَتِّعُ إذَا عَدِمَ الْهَدْيَ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مَفْرُوضٍ.

[فَصْلُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ]

(٢١٢٢) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ، إلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ، مِثْلُ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَيُوَافِقُ صَوْمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمَنْ عَادَتُهُ صَوْمُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ، أَوْ آخِرِهِ، أَوْ يَوْمِ نِصْفِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: صِيَامُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّهْيِ أَنْ يُفْرَدَ، ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صِيَامٍ كَانَ يَصُومُهُ، وَأَمَّا أَنْ يُفْرَدَ فَلَا. قَالَ: قُلْت: رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، فَوَقَعَ فِطْرُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَصَوْمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَفِطْرُهُ يَوْمَ السَّبْتِ، فَصَامَ الْجُمُعَةَ مُفْرَدًا؟ فَقَالَ: هَذَا الْآنَ لَمْ يَتَعَمَّدْ صَوْمَهُ خَاصَّةً، إنَّمَا كُرِهَ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْجُمُعَةَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمٌ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَيَّامِ. وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>