للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ، وَكَانَ فِي الْكِتَابِ: إنَّ الْعُمْرَةَ هِيَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ» . وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ نَعْلَمُهُ، إلَّا ابْنُ مَسْعُودٍ، عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ ضَعِيفٌ، لَا تَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ، وَلَيْسَ فِي الْعُمْرَةِ شَيْءٌ ثَابِتٌ بِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رُوِيَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ لَا تَصِحُّ، وَلَا تَقُومُ بِمِثْلِهَا الْحُجَّةُ. ثُمَّ نَحْمِلُهُ عَلَى الْمَعْهُودِ، وَهِيَ الْعُمْرَةُ الَّتِي قَضَوْهَا حِينَ أُحْصِرُوا فِي الْحُدَيْبِيَةِ، أَوْ عَلَى الْعُمْرَةِ الَّتِي اعْتَمَرُوهَا مَعَ حَجَّتِهِمْ، مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَى مَنْ اعْتَمَرَ، أَوْ نَحْمِلُهُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى الْعُمْرَةِ الْوَاحِدَةِ، وَتُفَارِقُ الْعُمْرَةُ الطَّوَافَ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا الْإِحْرَامَ، وَالطَّوَافُ بِخِلَافِهِ.

[فَصْل لَيْسَ عَلَى أَهْل مَكَّةَ عَمْرَة]

(٢٢١٠) فَصْلٌ: وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ عُمْرَةٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.

وَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى الْعُمْرَةَ وَاجِبَةً، وَيَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ عُمْرَةٌ، إنَّمَا عُمْرَتُكُمْ طَوَافُكُمْ بِالْبَيْتِ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ. قَالَ عَطَاءٌ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إلَّا عَلَيْهِ حَجٌّ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ، لَا بُدَّ مِنْهُمَا لِمَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِمَا سَبِيلًا، إلَّا أَهْلَ مَكَّةَ، فَإِنَّ عَلَيْهِمْ حَجَّةً، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ عُمْرَةٌ، مِنْ أَجْلِ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ رُكْنَ الْعُمْرَةِ وَمُعْظَمُهَا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَهُمْ يَفْعَلُونَهُ فَأَجْزَأَ عَنْهُمْ. وَحَمَلَ الْقَاضِي كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِمْ مَعَ الْحَجَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَدَّمُ مِنْهُمْ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ وَقْتِ الْحَجِّ. وَالْأَمْرُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ.

[فَصْل عَمْرَةُ الْمُتَمَتِّعِ وَعَمْرَةُ الْقَارِن]

(٢٢١١) فَصْلٌ: وَتُجْزِئُ عُمْرَةُ الْمُتَمَتِّعَ، وَعُمْرَةُ الْقَارِنِ، وَالْعُمْرَةُ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ عَنْ الْعُمْرَةِ الْوَاجِبَةِ، وَلَا نَعْلَمُ فِي إجْزَاءِ عُمْرَةِ التَّمَتُّعِ خِلَافًا. كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ.

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ عُمْرَةَ الْقَارِنِ لَا تُجْزِئُ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْعُمْرَةَ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ لَا تُجْزِئُ عَنْ الْعُمْرَةِ الْوَاجِبَةِ.

وَقَالَ: إنَّمَا هِيَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ. وَاحْتَجَّ عَلَى أَنَّ عُمْرَةَ الْقَارِنِ لَا تُجْزِئُ أَنَّ عَائِشَةَ حِينَ حَاضَتْ أَعْمَرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ، فَلَوْ كَانَتْ عُمْرَتُهَا فِي قِرَانِهَا أَجْزَأَتْهَا لَمَا أَعْمَرَهَا بَعْدَهَا. وَلَنَا، قَوْلُ الصُّبَيّ بْنِ مَعْبَدٍ: إنِّي وَجَدْت الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، فَأَهْلَلْت بِهِمَا. فَقَالَ عُمَرُ: «هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك» .

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهِمَا يَعْتَقِدُ أَدَاءَ مَا كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا، وَالْخُرُوجَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>