للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ كَانَ مَسْكَنُهُ مُنْفَرِدًا، فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ، أَوْ حَذْوُهُ، وَكُلُّ مِيقَاتٍ فَحَذْوُهُ بِمَنْزِلَتِهِ. ثُمَّ إنْ كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْحِلِّ، فَإِحْرَامُهُ مِنْهُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ، فَإِحْرَامُهُ لِلْعُمْرَةِ مِنْ الْحِلِّ، لِيَجْمَعَ فِي النُّسُكِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، كَالْمَكِّيِّ، وَأَمَّا الْحَجُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ أَيِّ الْحَرَمِ شَاءَ، كَالْمَكِّيِّ.

[مَسْأَلَة إذَا سَلَكَ الْحَاجّ طَرِيقًا بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ]

(٢٢٧٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُهُ عَلَى مِيقَاتٍ، فَإِذَا حَاذَى أَقْرَبَ الْمَوَاقِيتِ إلَيْهِ أَحْرَمَ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا بَيْنَ مِيقَاتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ حَتَّى يَكُونَ إحْرَامُهُ بِحَذْوِ الْمِيقَاتِ، الَّذِي هُوَ إلَى طَرِيقِهِ أَقْرَبُ؛ لِمَا رَوَيْنَا أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ قَالُوا لِعُمَرَ: إنَّ قَرْنًا جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا. فَقَالَ: اُنْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَوَقَّتَ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ. وَلِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ وَالتَّقْدِيرِ، فَإِذَا اشْتَبَهَ دَخَلَهُ الِاجْتِهَادُ، كَالْقِبْلَةِ.

(٢٢٧٣) فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَذْوَ الْمِيقَاتِ الْمُقَارِبِ لِطَرِيقِهِ، احْتَاطَ، فَأَحْرَمَ مِنْ بُعْدٍ، بِحَيْثُ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ إلَّا مُحْرِمًا؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ جَائِزٌ، وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ لَا يَجُوزُ، فَالِاحْتِيَاطُ فِعْلُ مَا لَا شَكَّ فِيهِ. وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ حَاذَاهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهِ، فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ. فَإِنْ أَحْرَمَ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدُ أَنَّهُ قَدْ جَاوَزَ مَا يُحَاذِيهِ مِنْ الْمَوَاقِيتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ، فَعَلَيْهِ دَمٌ.

وَإِنْ شَكَّ فِي أَقْرَبِ الْمِيقَاتَيْنِ إلَيْهِ، فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا. وَإِنْ كَانَتَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ، أَحْرَمَ مِنْ حَذْوِ أَبْعَدِهِمَا.

[مَسْأَلَة كُلّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا فِيهَا مِيقَاتٌ فَهُوَ مِيقَاتُهُ]

(٢٢٧٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِأَهْلِهَا، وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا مِمَّنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا فِيهَا مِيقَاتٌ فَهُوَ مِيقَاتُهُ، فَإِذَا حَجَّ الشَّامِيُّ مِنْ الْمَدِينَةِ فَمَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَهِيَ مِيقَاتُهُ، وَإِنْ حَجَّ مِنْ الْيَمَنِ فَمِيقَاتُهُ يَلَمْلَمُ، وَإِنْ حَجَّ مِنْ الْعِرَاقِ فَمِيقَاتُهُ ذَاتُ عِرْقٍ. وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ مَرَّ عَلَى مِيقَاتٍ غَيْرِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ صَارَ مِيقَاتًا لَهُ.

سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الشَّامِيِّ يَمُرُّ بِالْمَدِينَةِ يُرِيدُ الْحَجَّ، مِنْ أَيْنَ يُهِلُّ؟ قَالَ: مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ. قِيلَ: فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ يُهِلُّ مِنْ مِيقَاتِهِ مِنْ الْجُحْفَةِ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَلَيْسَ يَرْوِي ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ) . وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي الشَّامِيِّ يَمُرُّ بِالْمَدِينَةِ: لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْجُحْفَةِ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ، إذَا أَرَادَتْ الْحَجَّ أَحْرَمَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>